ونقول : إنه قد كان بإمكان ابن مسعود : أن يرجع إلى المصحف ، الذي كتب ، وجمع بحضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ ليتأكد : إن كان ( ص ) قد كتبهما فيه ، أم لا . . وعلى أي حال ، فان ما ذكره الباقلاني ، لا يعدو عن أن يكون دعوى تحتاج إلى إثبات ، وإن كان صِرف احتمالها يكفي في المقام . .
وثالثاً : إنهم يذكرون : أن عاصماً قد أخذ قراءة المعوذتين ، عن زرّ بن حبيش ، عن ابن مسعود . وقالوا : هذه القراءة صحيحة ، ونقلها عن ابن مسعود صحيح . . [1] .
ورابعاً : عن سفيان بن عيينة ، عن عبدة ، وعاصم ، عن زرّ ، قال : قلت لأبي : إن أخاك يحكهما من المصحف ! ! . فلم ينكر .
قيل لسفيان : ابن مسعود ؟ ! .
قال : نعم . وليسا في مصحف ابن مسعود ، كان يرى رسول الله ( ص ) يعوذ بهما الحسن والحسين ، ولم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته ؛ فظن أنهما عوذتان . وأصرّ على ظنه ، وتحقق الباقون كونهما من القرآن ، فأودعوهما إياه [2] .
وذلك هو ما يذهب إليه ابن قتيبة أيضاً [3] .
وذلك يدل : على أنها شبهة قد وقع فيها ابن مسعود ، ولعله عاد فاتضح له الحق ؛ فقبله ، فقرأهما عاصم عليه بعد ذلك . .
وهذا بالذات هو رأي الزرقاني ، وغيره أيضاً : أي أن ابن مسعود ، كان في أول أمره ينكر قرآنية المعوذتين ، فلما تبين له قرآنيتهما بعد ، وتم التواتر ، وانعقد