ليذكرون : أن الذين حضروا صفين من القراء ، كانوا ثلاثين ألفاً [1] . فكيف بمن لم يحضرها منهم ؟ .
ومهما فرضنا هذا العدد مبالغاً فيه ، فإنه يدل على ضخامة عددهم ، وأنهم يعدون بالألوف وقد تقدم وسيأتي : أن أبا موسى حينما ولي وجمع القراء ؛ فقال : لا تُدخلوا علي إلا من جمع القرآن ، فدخل عليه زهاء ثلاث مئة منهم . .
ثم حدثهم بالحديث الذي يذكر فيه نزول سورة تشبه براءة إلخ . .
وتقدم أيضاً أن أمير المؤمنين عليه السلام ، في مجال ترغيبه الناس بحفظ القرآن ، قد جعل لمن يحفظ القرآن ، حقا في بيت المال ، ففرض لمن قرأ القرآن ألفين ألفين .
وفي نص آخر قال عليه السلام :
( ( . . من دخل في الإسلام طائعاً ، وقرأ القرآن ظاهراً ؛ فله في كل سنة ماءتا دينار في بيت مال المسلمين . وإن منع في الدنيا ، أخذها يوم القيامة ، وافية ، أحوج ما يكون إليها ) ) .
وقد تقدمت نصوص أخرى في فصل : جمع القرآن في عهد الرسول ( ص ) . نعم . . وإن هذا الحفظ الواسع للقرآن ، قد منع بالتأكيد من تأثير تلك الموجة الجامحة ، التي تعرض لها القرآن ، رغم شدتها ، وكثرة دعاتها - منع من تأثيرها - على قرآنية القرآن ، وعلى الثقة به . وكان لا بد لكل تلكم القراءات والروايات في اختلاف النص القرآني ، من أن تنحسر عن الساحة ، وتذهب إلى حيث لا رجعة . وثبت النص الصحيح ، والقراءة الحقيقية ، التي تلقاها عامة المسلمين ، خلفاً عن سلف ؛ فكان ذلك تصديق وعد الله سبحانه ، وهو أصدق القائلين . .