ولكن ظاهر الرواية لا يتلاءم مع هذا التوجيه أيضاً .
وكلمة أخيرة نقولها هنا :
وهي : أنه . . حتى مع وجود بعض الروايات الدالة : على أن بعض الآيات التي تأخر نزولها ، قد وضعت في سور تقدم نزولها . . فإنها لا توجب القطع بأن ذلك قد حصل بالفعل ، ولربما يوصلنا التحقيق في هذه الروايات إلى أنها غير صحيحة ، بحيث يثبت : أنها إنما نزلت في زمان نزول تلك السورة .
كما أن ما يذكر من آيات مكّية في سورة مدنية ، أو العكس ، يحتاج هو الآخر إلى تحقيق ، وتأمل أيضاً . .
فلقد تعودنا وجود الكثير من الروايات المكذوبة ، أو التي تفتقر إلى الدقة في هذا المجال . . هذا كله بالإضافة : إلى أن ذلك ربما يكون بأمر من رسول الله ( ص ) ، في خصوص هذا المورد ، أو ذاك . .
وهكذا . . فإننا نخرج بنتيجة مفادها : أن دعوى وضع بعض الآيات في سور تقدم نزولها ، تصبح موضع شك وريب ، وأن روايات نزول بعض السور دفعة واحدة ، ونزول بعض السور تدريجاً ، حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فيعلم حينئذٍ ابتداء السورة ، وانتهاء غيرها - إن هذه الروايات - تبقى هي الأساس المعتمد ، ولا يعدل عنها إلا في المورد الخاص ، الذي يثبت قطعاً ، بعد التحقيق والتدقيق فيه ، أنه ليس كذلك . .
والله هو الموفق ، وهو الهادي . .