و الحرمة العقلييّن ، وقلت : المكلّف إذا أدركهما ومع ذلك ترك الواجب المذكور وفعل الحرام المزبور لا يكون عليه عقاب ، ولاشكّ انّ الحرام العقلي مكروه عنداللَّه ايضاً لأنّه ما يكون مكروهاً عند كلّ عاقل وحكيم ، وترك الواجب العقلي ايضاً كذلك بعينه . وحينئذٍ كيف لا يكون على فعل هذا الحرام وترك هذا الواجب عقاب بعد ان أدركهما العقل وعلم جهة حسنهما وقبحهما ؟ وكيف يخبراللَّه تعالى بأنّ الامر الّذي هو مكروه عندي وأنت عرفت بعقلك انّه مكروه عند كلّ عاقل وحكيم لا اعذّبك بفعله ؟ وكذا كيف يخبر بأنّ الامر الّذي هو حسن عندي وأنت عرفت ايضاً ذلك لا اعذّبك ] بتركه [ ؟ فهذا اغراء منه تعالى للمكلّف إلى الامر القبيح المذموم وهو غير صحيح .
فحينئذٍ يبقى الكلام في انّه هل يمكن أن يكون فعل مكروها عند اللَّه تعالى ومع ذلك يكون فاعله عنده غير مستحق للعقاب أولا يمكن فعلى الأول يكون القول بعدم اثبات الوجوب و الحرمة الشرعيّين بالعقل صحيحاً وعلى الثاني لا يكون صحيحاً لانّ ما يدركه العقل حينئذٍ بانّه مذموم يكون على فعله العقاب وحينئذٍ يجب ان يخصّص الآية وغيرها بما لا يدرك العقل وجوبه أو حرمته .
أقول : تحقيق المقام ان يقال : انّ الأمور ينقسم إلى قسمين :