إذا عرفت الأخبار الواردة في الاحتياط فاعلم انّ القول بعدم مشروعيّة الاحتياط كلام بعيد عن الصّواب ولاشكّ في رجحانه بمقتضى الأخبار المذكورة وانّما الخلاف بين الأخباريين و المجتهدين القائلين بالبراءة الاصليّة في وجوبه وعدمه . فالقائلون بالبراءة الاصليّة ينفون الوجوب قال المحقّق رحمه اللَّه تعالى : العمل بالاحتياط غير لازم وصار آخرون إلى وجوبه . وقال آخرون مع اشتغال الذّمة يكون العمل بالاحتياط واجباً ومع عدمه لا يجب مثال ذلك إذا ولغ الكلب في الاناء نجس و اختلفوا هل يطهر بغسلة واحدة أم لابدّ من سبع ؟ وفيما عدا الولوغ هل يطهر بغسلة أم لابدّ من ثلاث ؟ احتجّ القائلون بالاحتياط بقوله ) عليه السّلام ( : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » وبأنّ الثابت اشتغال الذّمّة يقيناً فيجب ان لا يحكم ببرائتها الّا بيقين ولا يكون هذا الّا مع الاحتياط و الجواب عن الحديث ان نقول : هو خبر واحد لا يعمل بمثله في مسائل الأصول . سلّمناه لكن الزام المكلّف بالاثقل مظّنة الرّيبة لانّه الزام مشقّة لم يدلّ الشرع عليها فيجب اطراحها بموجب الخبر و الجواب عن الثاني ان نقول : البراءة الاصليّة مع عدم دلالة النّاقله حجّة و إذا كان التقدير تقدير عدم الدلالة الشّرعيّة على الزّيادة في المثال