يبقى لأحد مال لو صار عمرو عاملا في زكاة عامين ، ثم أقسم فقال : والله لو صار عاملا سنتين لصارت القبيلة هلكى ، فلا يكون لهم عند التفرق في الحرب جمالان فيختل أمر الغزوات .
( لا يسألون أخاهم حين يندبهم * في النائبات على ما قال برهانا ) في سورة الشعراء عند قوله تعالى ( إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ) وكان أمينا فيهم مشهورا بالأمانة كمحمد صلى الله عليه وسلم في قريش ، وإنما قال أخوهم لأنه كان منهم من قول العرب يا أخا بنى تميم ، يريدون يا واحدا منهم ، ومنه بيت الحماسة : لا يسألون أخاهم حين يندبهم الخ ، وقبله :
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم * طاروا إليه زرافات ووحدانا وبعده : لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد * ليسوا من الشرفي شئ وإن هانا وقد تقدمت قصة هذا الشعر مستوفاة في حرف الباء في سورة الزمر فلتراجع .
فمن ينكر وجود الغول إني * أخبر عن يقين بل عيان ( بأنى قد لقيت الغول تهوى * بسهب كالصحيفة صحصحان فأضربها بلا دهش فخرت * صريعا لليدين وللجران ) في سورة الملائكة عند قوله تعالى ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه ) حيث قال : فتثير بلفظ المضارع دون ما قبله وما بعده ليحكى الحال التي يقع فيها إثارة الرياح السحاب ويستحضر الصورة البديعة الدالة على القدرة الربانية ، وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية بحال تستغرب أو تهم المخاطب أو غير ذلك كما في قول تأبط شرا * بأني قد لقيت الغول تهوى * الخ . لأنه قصد أن يصور لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول كأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها مشاهدة للتعجب من جراءته على كل هول وثباته عند كل شدة ، وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت وإحياء الأرض بعد موتها لما كان من الدلائل على القدرة الباهرة . قيل فسقناه : فأحيينا معدولا بهما على لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه . والغول :
السعالى ، والعرب تسمى كل داهية غولا . واختلف في وجوده ، فمنهم من ينكر وجوده أصلا ، والقائل يثبت وجوده ويقول : لقيت الغول تهوى أن تهبط بسهب : أي فضاء بعيد من الأرض . والصحيفة : الكتاب .
والتصحيف : الخطأ في الصحيفة . وقاع صحصحان وصعصعان : أي مستو كأنه بلغ من السهب لما فيه 7 من مبالغة الصحة وهى استواء واعتدال . والجران : مقدم العنق من مذبحه إلى منحره .
( ولذ كطعم الصرخدي تركته * بأرض العدا من خشية الحدثان ) في سورة والصافات عند قوله تعالى ( يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين ) وصفت الكأس باللذة وكأنها نفس اللذة وعينها أو هي تأنيث اللذ . يقال لذ الشئ فهو لذ ولذيذ ، والمراد به في البيت النوم ، قال :
كأن الكرى أسقاهمو صرخدية * تدب دبيبا في الشوى والحيازم يقال لذ الشئ فهو لذ ولذيذ ووزنه فعل كقولك رجل طب ، والصرخد : موضع من الشأم ينسب إليه الشراب .
( وماء قد وردت لأجل أروى * عليه الطير كالورق اللجين ذعرت به القطا ونفيت عنه * مقام الذئب كالرجل اللعين )