حذفه كما حذف من هل والأصل أهل كما في البيت ، فإذا أدخلت حرف الجر على من فقدر الهمزة قبل حرف الجر في ضمير ، كأنك تقول : أعلى من تتنزل الشياطين ، كقولك : أعلى زيد مررت . وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الإنسان عند قوله تعالى ( هل أتى على الإنسان ) هل بمعنى فد في الاستفهام خاصة والأصل أهل بدليل قوله أهل رأونا الخ . فالمعنى قد أتى على التقرير والتقريب جميعا ، ويربوع : أبو حي من اليمن ، والشدة بفتح الشين ويروى بكسرها : وهى القوة ، وسفح الجبل : أسفله ، والقاع المستوى من الأرض ، والأكم تل من القف والجمع آكام وأكم ، وقوله أهل رأونا : أي قد رأونا ، ولا يجوز أن يجعل هل استفهاما لأن الهمزة للاستفهام وحرف الاستفهام لا يدخل على مثله .
خرجن إلى لم يطمثن قبلي * وهن أصح من بيض النعام ( فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام ) في سورة الشعراء عند قوله تعالى ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) ذكر الوادي والهيوم فيه تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق ومجاوزة حد القصد فيه حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة وأشجعهم على حاتم ، وأن يبهتوا البرى ، ويفسقوا التقى ، وعن الفرزدق أن سليمان بن عبد الملك سمع قوله :
فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام فقال : قد وجب عليك الحد ، فقال : يا أمير المؤمنين قد درأ الله عنى الحد بقوله ( وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) .
( فلشد ما جاوزت قدرك صاعدا * ولشد ما قربت عليك الأنجم ) هو للمتنبي في سورة النمل عند قوله تعالى ( حتى إذا أتوا على واد النمل ) حيث عدى أتوا بعلى لوجهين :
الأول أن إتيانهم كان من فوق فأتى بحرف الاستعلاء كما قال أبو الطيب : * ولشد ما قربت عليك الأنجم * لما كان قربا من فوق ، الثاني أن يراد قطع الوادي وبلوغ آخره من قولهم أتى على الشئ إذا أنفذه وبلغ آخره ، كأنهم أرادوا أن ينزلوا عند مقطع الوادي لأنه ما دامت الريح تحملهم في الهواء لا يخاف حطمهم ، وأبو الطيب يهجو أحدا طلب منه أن يمدحه ، وعنى بالأنجم شعره ، وأتى بحرف الاستعلاء لما كان قربا من فوق . يقول : ما أشد تجاوزك قدرك حتى تطلب منى المديح .
( من سبأ الحاضرين مأرب إذ * يبنون من دون سيله العرما ) في سورة النمل عند قوله تعالى ( وجئتك من سبأ بنبأ يقين ) سبأ : اسم قبيلة ، وسميت مدينة مأرب سبأ وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ، ومأرب مفعول الحاضرين . والعرم : السكر يصنع في الوادي ليحبس الماء ، ويقال :
ذهبوا أيادي سبأ ، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، فمن جعله اسما للقبيلة لم يصرف ومن جعله اسما للحي أو الأب الأكبر صرف ، وهو في البيت بمعنى القبيلة يمدح أحدا ويقول : هو من قبيلة سبأ الحاضرين مدينة مأرب الذين بنو السد دون السيل ، وأما من جعله اسما للحي أو الأب الأكبر فهو يصرفه كقوله :
الواردون وتيم في ذرى سبأ * قد عض أعناقهم جلد الجواميس