لا يسلمون الغداة جارهم * حتى يزل الشراك عن قدمه لا يسلمون : أي لا يخدلون ولا يتركون غداة الحرب جارهم ليؤدى خذلانهم إلى أن يزل قدم جارهم فيزل شراك نعله عن قدمه ، بل يعينونه وينصرونه حتى يثبت في مظان زلل الأقدم . ولا يخيم : أي لا يجين عن اللقاء وهو الحرب إلى أن يشق صفوف الحرب من جهة كرمه : يعنى لا يرضى بأدون المنزلتين بل يأبى إلا النهاية في باب الحرب والعلو في شأنه من جهة كونه مرضيا في شجاعته محمودا في بأسه ونجدته .
( فمضى وقدمها وكانت عادة * منه إذا هي عردت أقدامها ) هو للبيد . في سورة الشعراء عند قوله تعالى ( أو لم يكن لهم آية آن يعلمه علماء بني إسرائيل ) حيث قرئ بالتذكير وآية بالنصب على أنها خبره وأن يعلم هو الاسم ، وقرئ تكن بالتأنيث وجعلت آية اسمها وأن يعلم خبرها ، وليست كالأولى لوقوع النكرة اسما والمعرفة خبرا ، وقد قال بعضهم إنه ضرورة كقوله :
* ولا يك موقف منك الوداعا * وقوله : * يكون مزاجها عسل وماء * وقد اعتذر بعضهم بأن آية قد خصصت بقوله لهم فإنه حال منها والحال صفة وبأن تعريف الخبر ضعيف لعمومه ولا ضرورة تدعو إلى هذا التخريج ، وقد خرج لها وجه آخر ليتخلص من ذلك فقيل في تكن ضمير القصة وآية أن يعلمه جملة واقعة موقع الخبر ، ويجوز على هذا أن يكون لهم آية هي جملة الشأن وأن يعلم بدلا من آية ، ويجوز مع نصب الآية تأنيث تكن كقوله ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا ) ومنه البيت فمضى وقدمها الخ : أي مضى العير ، وقدم الأتان وكانت أقدامها : أي أقدام الأتان عادة من العير . إذا هي عردت : أي تأخرت ، والتعريد :
التأخير ، والجبن والإقدام ههنا بمعنى التقدمة ولذلك أنث فعلها فقال وكانت عادة : أي وكانت تقدمة الأتان عادة من العير ، والمعنى : فمضى العير نحو الماء ، وقدم الأتان لئلا تتأخر ، وكان تقديمه الأتان عادة من العير إذا تأخرت هي : أي إذا خاف العير تأخرها ، وقيل وإن كانت عادت أنثه بتأويل من كانت أمك .
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة * دعت ساق حر ترحة وترنما فغنت على غصن عشاء فلم تدع * لنائحة في نومها متندما عجبت لها أنى يكون غناؤها * فصيحا ولم تغفر بمنطقها فما ولم أر مثلي شاقه صوت مثلها * ( ولا عربيا شاقه صوت أعجما ) في سورة الشعراء عند قوله تعالى ( ولو نزلناه على بعض الأعجمين ) الأعجم : الذي لا يفصح وفى لسانه عجمة واستعجام ، والأعجمي مثله إلا أن فيه لزيادة ياء النسبة زيادة التأكيد ، وقرأ الحسن الأعجميين ، ولما كان من يتكلم بلسان غير لسانهم لا يفقهون كلامه قالوا له أعجمي وأعجم ، شبهوه بمن لا يفصح ولا يبين وقالوا لكل ذي صوت من البهائم والطيور وغيرها أعجم ، قال حميد : * ولا عربيا شافه صوت أعجما * يصف حمامة دعت حماما بغناء وترنم ، وإنما قال لم تغفر لأن تغنيها يكون في صدرها من غير فتح الفم ، والترح ضد الفرح .
( سائل فوارس يربوع بشدتنا * أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم ) في سورة الشعراء عند قوله تعالى ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ) حيث دخل حرف الجر على من المتضمنة لمعنى الاستفهام ، والاستفهام له صدر الكلام لكن الأصل أمن فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على