ومنها : ولقد نزلت فلا تظنى غيره * منى بمنزلة المحب المكرم إلى أن قال عند التحمس :
ومدجج كره الكماة نزاله * لا ممعن هربا ولا مستسلم جادت يداي له بعاجل طعنة * بمثقف صدق الكعوب مقوم فشككت بالرمح الطويل إهابه * ليس الكريم على القنا بمحرم فتركته جزر السباع ينشنه * ما بين قلة رأسه والمعصم أي رب قرن حاربته فقتلته وتركته طعم السباع كما يكون الجزر طعمة البائس ، ثم قال : تتناوله السباع وتأكل بمقدم أسنانها بنانه الحسن ومعصمه الحسن ، يريد أن قتله فجعله عرضة للسباع حتى تناولته وأكلته ، النوش : التناول ، والقضم : الأكل بأطراف الأسنان ، والخضم : الأكل بجميع الفم ، ومنه قولهم : يتبع الخضم بالقضم ، ومعناه : أن الغاية البعيدة قد تدرك بالرفق . وقد استشهد بالبيت المذكور في أوائل العنكبوت عند قوله تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) حيث استعمل الترك بمعنى التصيير .
( لدى أسد شاكي السلاح مقذف * له لبد أظفاره لم تقلم ) هو لزهير . في سورة البقرة عند قوله تعالى ( صم بكم عمى فهم لا يرجعون ) حيث كان البلغاء من علماء البيان يسمون ما في الآية تشبيها بليغا لا استعارة ، وقد مضى في شرح قوله * ويصعد حتى يظن الجهول * ما فيه غنية عن إيضاح معنى هذا البيت .
( وأغفروا عوراء الكريم ادخاره * وأعرض عن شتم اللئيم تكرما في سورة البقرة عند قوله تعالى ( حذر الموت ) وأنه نصب على المفعول له وإن كان معرفا بالإضافة ، ولا ضير في تعدد المفعول له فإن الفعل يعلل بعلل شتى ، وادخاره معرفة وتكرما نكرة . والعوراء : الكلمة القبيحة التي يغضب منها ، والبيت لحاتم الطائي ، وقبله .
وعوراء قد أعرضت عنها فلم تضر * وذي أود قومته فتقوما ولا أخذل المولى وإن كان خاذلا * ولا أشتم ابن العم إن كان مفحما وأول القصيدة :
أتعرف أطلالا ونؤياه مهدما * كخطك في رق كتابا منمنا تحلم عن الأدنين واستبق ودهم * ولن تستطيع الحلم حتى تحلما ونفسك أكرمها فإنك إن تهن * عليك فلن تلقى لها الدهر مكرما أهن في الذي تهوى التلاد فإنه * إذا مت صار المال نهبا مقسما ولا تشقين فيه فيسعد وارث * به حين تحشى أغبر الجوف مظلما وعوراء قد أعرضت عنها فلم تضر * وذي أود قومته فتقوما وأغفر عوراء الكريم ادخاره * وأعرض عن شتم اللئيم تكرما