ومنها : إذا ما الغيم لم يمطر بلادا * فإن له على يدك اتكالا ولو أن الرياح تهب غربا * وقلت لها هلا هبت شمالا وأقسم لو غضبت على ثبير * لأزمع عن محلته ارتحالا يذيب الرعب منه كل عضب * فلولا الغمد يمسكه لسالا - وهى طويلة ( أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل ) في سورة الحديد عند قوله تعالى ( لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ ) عن الحسن لئلا يعلم بفتح اللام وسكون الياء ، ورواه قطرب بكسر اللام . وقيل في توجيهها حذفت همزة أن وأدغمت نونها في لام لا فصار للا ، ثم أبدلت من اللام المدغمة ياء كقولهم ، ديوان وقيراط ، ومن فتح اللام فعلى أن أصل لام الجر الفتح كما أنشد : أريد لأنسى ذكرها الخ ، وحذفت الهمزة اعتباطا وأدغمت النون في اللام فاجتمع ثلاثة أميال فثقل النطق بها . فأبدل الوسط ياء تخفيفا فصار اللفظ ليلا كما ترى . ورفع الفعل لأن أن هي المخففة لا الناصبة ، واسمها على ما تقرر ضمير الشأن ، وفصل بينها بين الفعل الذي هو خبرها بحرف النفي .
( يمارس نفسا بين جنبيه كزة * إذا هم بالمعروف قالت له مهلا ) في سورة الحشر عند قوله تعالى ( ومن يوق شح نفسه ) الشح بالضم والكسر وقرئ بهما : اللؤم وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع كما قال : يمارس نفسا الخ . وأضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها . الكزازة :
اليبس والانقباض ، ورجل كز اليدين : إذا كان بخيلا . الشاعر يصف رجلا بالبخل والشح المطاع ، وأنه إذا هم يوما أن يسمح بمعروف قالت له نفسه مهلا فيطيعها ويمتنع عن الخير . وأين هذا من قول المتنبي :
إذا كان ما ينويه فعلا مضارعا * مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم ( محمد تفد نفسك كل نفس * إذا ما خفت من أمر تبالا ) في سورة الصف عند قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنوا ) في قراءة زيد على حذف لام الأمر : أي لتؤمنوا وتجاهدوا كقوله : محمد تفد نفسك ، والتقدير : لتفد نفسك ، ولهذا كان الفعل مجزوما ، وإنما حذفوها لكثرة الاستعمال . والتبال : الهلاك ، وفى بعض الروايات : من أمر تبال . وعن بعضهم يحتمل أن يكون خبرا في معنى الأمر وحذفت الياء كما في ( والليل إذا يسر ) والجواب أنه في غير الفواصل والقوافي غير ثبت .
( ما زلت تحسب كل شئ بعدهم * خيلا تكر عليهم ورجالا ) في سورة المنافقين عند قوله تعالى ( يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو ) أي واقعة عليهم وضارة لهم لجبنهم وهلعهم وما في قلوبهم من الرعب إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة ظنوه إيقاعا بهم ، ومنه أخذ الأخطل قوله : ما زلت تحسب الخ ، وكما قيل * إذا رأى غير شئ ظنه رجلا * ( وإن الذي قد عاش يا أم مالك * يموت ولم أزعمك عن ذاك معزلا ) في سورة التغابن عند قوله تعالى ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ) الزعم : ادعاء العلم ، ومنه قوله