وقال أبو جعفر النحاس : ناص ينوص : أي تقدم فيكون من الأضداد ، واستناص : طلب المناص كما في بيت حارثة المذكور ، ويقال ناص إلى كذا ينوص نوصا : أي التجأ إليه يصف فرسا . قوله غمر الجراء : أي كثير الجري : استناص طلب المنجى . والمسحل : حمار الوحش سمى مسحلا لكثرة سحاله : أي شيهقه . والمعنى :
أنه إذا قصر عنانه ليقف طلب الخلاص ورام كعدو المسحل :
قد كنت رائدها وشاة محاذر * حذر يقل بعينه إغفالها وظللت أرعاها وظل يحوطها * حتى دنوت إذا الظلام دنا لها ( فرميت غفلة عينه عن شاته ) * فأصبت حبة قلبها وطحالها هي للأعشى ، وقيل لعمر بن أبي ربيعة . في سورة ص عند قوله تعالى ( ولى نعجة واحدة ) من حيث جعل الشاة استعارة عن المرأة في قوله : فرميت غفلة عينه عن شاته . وشاة محاذر : أي امرأة رجل محاذر حذر لا يغفل عنها لشغفه بها وعزتها عنده . قوله وظلت أرعاها : أي أحفظها وأراقبها وأنظر إليها . ويحوطها أيضا يحفظها ، حتى إذا جاء الليل ودنوت إليها ونظرت نظرة كالرمية وقعت بحبة القلب والتقدير فأصبت حبة قلبها وأصبت طحالها ولا يجوز خفضه لأن طحال لا حبة له ، ولا يخفى ما في الرمي والإصابة من الجزالة والدلالة على كمال المحاماة وإلا لم يقصد غقلت ، فإن من لا يحافظ على الشئ لا يحتاج في الظفر به إلى اعتراض غفلة وعلى كمال تهديه إلى ما قصد حيث أصاب سواء القرطاس في تلك اللمحة اليسيرة : أعنى زمن غفلة عينه ، وهذا وجه إيثاره على غفلته .
( أعطى فلم يبخل ولم يبخل * كوم الذرى من خول المخول ) في سورة الزمر عند قوله تعالى ( ثم إذا خوله نعمة ) أي أعطاه ناقة كوماء عظيمة السنام . الخول : ما أعطاه الله الإنسان من العبيد والنعم ولا واحد له من لفظه ، والمخول : هو الله تعالى الذي خوله : أي أعطاه . وفى حقيقته وجهان :
أحدهما من قوله هو خائل مال وخال مال : إذا كان معتدا له حسن القيام به ، ومنه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه كان يتخول أصحابه أحيانا بالموعظة " والثاني جعله من خال يخول : إذا اختال وافتخر ، وفى معناه قول العرب : * إن الغنى طويل الذيل مياس * يقول أعطى ناقة كوماء من عطاء الله ولم يبخل بها ، وقوله ولم يبخل للتأكيد :
( بالأمس كانت في رجاء مأمول * فأصبحت مثل كعصف مأكول ) في سورة حمعسق عند قوله تعالى ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) من حيث إن تكرير كلمة التشبيه للتأكيد كما كررها من قال : * وصاليات ككما يؤثفين * وسيأتى ، والعصف ما على الحب من التبن وما على ساق الزرع من الورق الذي يبس .
( وأوحى إلى الله أن قد تأمروا * بإبل أبى أوفى فقمت على رجلي ) في الشورى عند قوله تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا ) أي ألهمني الله وقذف في قلبي أن قوما نادوا بإبل أبى أوفى : أي أخذوها وغصبوها وصاروا أمراء بها فقمت في مددهم وتعصبهم لأردها ، وقوله على رجلي بالجيم وبالحاء .
( زوجتها من بنات الأوس مجزئة * للعوسج اللدن في أبياتها زجل )