ومصرعة : أي كثير المصارعة شديدها . فأربع : يقال أربع على نفسك : أي لا تجاوز قدرك . والفعال بفتح الفاء غالب في المكارم لكنه استعمل هنا لمجرد الفعل . يقول : يا من يظلم الناس ، ويبغى في الأرض الظلم مصرعة لأهله ، فلا تتجاوز قدرك واعدل فإن خير فعال المرء أعدله ، فلو بغى جبل يوما على جبل لاندك من الباغي أعاليه وأسفله قال الشاعر : والبغي يصرع أهله * والظلم مرتعه وخيم ( وإذا يجوزها حبال قبيلة ) * أخذت من الأخرى إليك حبالا للأعشى . في سورة يونس عند قوله تعالى ( وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر ) قرأ الحسن وجوزنا ، من أجاز المكان وجاوزه وجوزه ، وليس من جوز الذي في بيت الأعشى ، وإذا يجوزها الخ ، لأنه لو كان منه لكان حقه أن يقال : وجوزنا بني إسرائيل في البحر كما قال : * كما جوز السكي في الباب فيتق * يقول : إذا أخذت لناقتي أمان قوم فجزتهم بها أخذت أمان قوم آخرين لأجوزها إليك : أي لا أزال راكبا عليها أقتحم المخاوف أؤمنا بالأمان إلى أن أصل إليك ، وعادة العرب أنهم يستجيزون من قوم إلى قوم ليأمنوا من تجاريهم وشرهم .
( ما يقسم الله أقبل غير مبتئس * منه وأقعد كريما ناعم البال ) في سورة هود عند قوله تعالى ( إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ) أي فلا تحزن حزن بائس مستكين ، والمعنى : فلا تحزن بما فعلوا من تكذيبك وإيذائك ومعاداتك فقد حان وقت الانتقام منهم ، غير مبتئس : أي غير حزين . يقول : ارض [1] بما قسم الله ولا تحزن على ما فات ، واقعد ناعم البال طيب القلب الكريما ، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك : كما قيل :
ما لا يكون فلا يكون بحيلة * أبدا وما هو كائن سيكون سيكون ما هو كائن في وقته * وأخو الجهالة متعب محزون ( ويوم شهدناه سليما وعامرا * قليل سوى الطعن النهال نوافله ) في سورة هود عند قوله تعالى ( ذلك وعد غير مكذوب ) أي مكذوب فيه ، فاتسع في الظرف بحذف حرف الجر وإجرائه مجرى المفعول به كقولهم يوم مشهود ، وقوله ويوم شهدناه الخ ، أو على المجاز كأنه قيل للوعد نفى بك فإذا وفى به فقد صدق ولم يكذب ، أو وعد غير كذب على أن المكذوب مصدر كالمجلود والمعسور . والمصدوقة بمعنى الصدق : يصف قتالا ومعركة ، والرواية ويوم بواو رب ، ويجوز النصب : أي أذكر يوما ، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وشهد لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد وهنا تعدى إلى مفعولين ، لأن الأول ظرف متسع فيه وسليما هو المفعول الثاني وأسقط في من اللفظ ، ولو كانت الكناية ظرفا لوجب إظهار فيه فقيل شهدناه فيه ، وعامرا عطف عليه ، وقليل صفة يوم ، والمنهال صفة الطعن وهو جمع نهل مثل جبل وجبال ، ونهل جمع ناهل كطلب جمع طالب ، والمناهل : الريان والعطشان ضد ، والنهل أيضا الشرب الأول ونوافله فاعل قليل وهى عطية التطوع ، ومنه البيت : أي رب يوم حضرنا هاتين القبيلتين فيه قل عطاء ذلك اليوم سوى الطعن بالرماح العطاش إلى دمائكم : يعنى رب يوم قاتلناهم فيه . وقد استشهد بالبيت المذكور في السورة المذكورة عند قوله تعالى