الجون : الأسود : والسراة : الظهر ، وسراة كل شئ : أعلاه . والجدائد : الأتن اللواتي قد جفت ألبانهن ، يقال جديدة وجدد ، يقال امرأة جداء : لا ثدي لها . يقول : أهلك الدهر بني وتواترت علي المصائب ، فلي عزاء بأن الدهر لا يبقى على حدثانه شئ حتى الحمار مع الأتن يرعى في القفار والجبال .
( إذا قال قدني قال بالله حلفة * لتغنى عني ذا إنائك أجمعا ) في سورة الملائكة عند قوله تعالى ( إنه عليم بذات الصدور ) وذات الصدور : مضمراتها ، وهي تأنيث ذو نحو قول أبي بكر رضي الله عنه : ذو بطن خارجة جارية : أي جنينها جارية كما في البيت . المعنى : ما في بطنها من الحمل وما في إنائك من الشراب ، لأن الحمل والشراب يصحبان البطن والإناء ، ألا ترى إلى قولهم معها حمل وكذلك المضمرات تصحب الصدور وهي معها ، كما أن اللبن يصحب الضرع ، ومنه قوله :
وإن تعتذر بالمحل عن ذي ضروعها * إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلى وقال الله تعالى ( رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ) وذو موضوع لمعنى الصحبة . وقدني وقطني بمعنى واحد وهو حسبي . وذا إنائك : أي ما في إنائك من الشراب ، معناه : أن الضيف لما نزل بالمضيف أكرم مثواه وبالغ في تهيئة الشراب واللبن ، فقال له الضيف وهو يسقيه ما في الإناء : حسبي ما شربته ، فقال له الساقي : أقسم بالله لتشربن جميع ما في إنائك من اللبن . وحلفة منصوب على المصدر لآليت ، لأن تقديره أحلف بالله ، ولتغنى بفتح لام القسم ، ولتغنى على تقدير ثبوت النون الخفيفة في النية وإن كانت محذوفة من اللفظ ، وإنما أضاف الإناء إلى كاف الخطاب ، وليس الإناء للمخاطب وإنما هو للمتكلم لما كان بين المخاطب وبين الإناء نوع ملابسة .
( برى لحمها سير الفيافي وحرها * وما بقيت إلا الضلوع الجراشع ) هو للبيد . في سورة يس عند قوله تعالى ( إن كانت إلا صيحة واحدة ) العامة على نصب الصيحة ، على أن كان ناقصة واسمها ضمير الأخذة لدلالة السياق وصيحة خبرها ، والقياس والاستعمال على تذكير الفعل لأن المعنى : ما وقع شئ إلا صيحة ، ولكنه نظر إلى ظاهر اللفظ وأن الصيحة في حكم فاعل الفعل ، ومثلها في قراءة الحسن ( فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ) وبيت لبيد * وما بقيت إلا الضلوع الجراشع * وقال آخر : ما سلمت من ريبة وذم * في حربنا إلا بنات العم والجرشع : العظيم الصدر الواسع البطن ، وفي معناه قول الشاعر :
مشق الهواجر لحمهن مع السرى * حتى ذهبن كلاكلا وصدورا وأين هذه من قوله :
شجعاء جرتها الذميل تلوكه * أصلا إذا راح المطي غراثا وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الأحقاف عند قوله تعالى ( فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ) على تقدير القراءة بالتاء وترك تسمية الفاعل وهو ضعيف ، لأنه إذا كان الفاصل إلا يمنع لحوق علامة التأنيث في الفعل إلا في ضرورة كقوله * وما بقيت إلا الضلوع الجراشع * القراءة بالياء أقوى لأنه لا يقال ما جاءتني إلا امرأة ، بل يقال ما جاءني إلا امرأة : أي أحد أو شئ إلا امرأة . واعلم أن جميع تراكيب القرآن لا يلزم أن تكون أفصح على