في سورة البقرة عند قوله تعالى ( لا يسألون الناس إلحافا ) ولا يخفى أن نفى السؤال والإلحاف جميعا أدخل في التعفف وفى أن يحسبوا أغنياءه واللاحب بالحاء المهملة : الطريق الواضح . وسافه من السوف وهو الشم . والعود :
الجمل المسن من الإبل وهو الذي جاوز في السن البازل ، ويقال : زاحم بعود أودع : أي استشر على حربك بأهل السن والمعرفة ، فإن رأى الشيخ خير من مشهد الغلام . والعود : الطريق القديم ، قال :
* عود على عود الأقوام أول * أي بعير مسن على طريق قديم ، وربما قالوا سؤدد عود : أي قديم . قال الطرماح :
هل المجد إلا السودد العود والندى * ورب الثأى والصبر عند المواطن جرجرا أي صوت ، والجرجرة صوت يردده البعير في حنجرته قال * جرجر في حنجرة كالحب * أي صوت يصف سبسبا لا منار فيه إذا ساف الجمل تربه عرفه وصوت لخبثه لو عورة ذلك السبسب وسلوكه إليه مرارا . . وقوله لا يهتدى بمناره ، يريد نفى المنار والاهتداء ، ونحوه قوله :
لا تفزع الأرنب أهوالها * ولا ترى الضب بها ينجحر وسيأتى وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة آل عمران عند قوله تعالى ( سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ) قال في الكشاف : فإن قلت : كانت هناك حجة حتى ينزلها الله تعالى فيصح لهم الاشتراك . قلت : لم يعن أن هناك حجة إلا أنها لا تنزل عليهم ، لأن الشرك لا يستقيم أن تقوم عليه حجة ، وإنما المراد نفى الحجة ونزولها جميعا كقوله : * ولا ترى الضب بها ينجحر * ( وشارب مربح بالكاس نادمني * لا بالحصور ولا فيها بسآر ) في سورة آل عمران عند قوله تعالى ( سيدا وحصورا ) وهو الذي لا يقرب النساء منعا لنفسه عن الشهوات .
وقيل هو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر فاستعير لمن لا يدخل في اللهو واللعب . ولا فيها بسآر . أي مبق من السؤر وهو البقية . يقول : رب شارب مشتر للخمر بالربح ليس بمانع نفسه من الشهوات ولا مبق في الكأس شيئا نادمني وعاشرني ، ويروى ولا فيها بسوار من ساور إذا وثب : أي ليس بمعربد .
( متى ما تلقني فردين ترجف * روانف أليتيك وتستطارا ) في آل عمران عند قوله تعالى ( إلا رمزا ) حيث قرئ بفتحتين جمع رامز كخادم وخدم وهو حال منه ومن الناس دفعة كقوله : متى ما تلقني الخ . الروانف جمع رانفة ، وهى أسفل الألية وطرفها الذي يلي الأرض من الإنسان إذا كان قائما . وتستطارا أصله تستطارن فقلبت النون ألفا للوقف . وفردين حالان : أحدهما من ضمير الفاعل في تلقني ، والآخر من النون والياء ( فلا أب وابنا مثل مروان وابنه * إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا ) هو للفرزدق . في سورة آل عمران ، والابن عبد الملك إذ هو كناية عن الأب الذي هو مروان لأن مجد الابن مجد الأب لا بالعكس . وقد جمع الشاعر سيرتين في عطف الابن على الأب باعتبار اللفظ وجعله منصوبا ، ويجوز رفع الابن باعتبار العطف على المحل وهو موضع لا وما بعده لأن موضعه رفع بالابتداء ، والنصب أشهر لأن العطف على اللفظ أكثر وهو الأصل . والبيت شاهد على قوله تعالى ( تلبسون الحق بالباطل ) على قراءته بفتح الباء من لبست الثوب فتكون الباء في الباطل بمعنى مع ، وأما على قراءة الكسر فهو من لبست الشئ بالشئ خلطته به