responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف نویسنده : محب الدين الأفندي    جلد : 1  صفحه : 397


ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه أكل النار ، روى أن قائل البيتين أعرابي وكان تزوج امرأة فلم يوافقها ، فقيل له : إن حمى دمشق سريعة في موت النساء ، فحملها إلى دمشق وقال الأبيات . وقال أبو العلاء : يجوز أن يريد بقوله : أكلت دما إن لم أرعك بضرة : أي شربت دما لأن الدم لا يؤكل بل يشرب ولا يمتنع أن يعنى لقوله شربت دما أن يصيبه جدب وحاجة فيفتقر إلى شرب الدم ، كما كانت العرب في الجاهلية إذا اشتد عليهم الزمان فصدوا النوق وشربوا دماءها وخلطوها بغيرها فأكلوها ، وهذا المعنى كثير في أشعار العرب . وأنشد أبو إياس :
أما لك عمر إنما أنت حية * إذا هي لم تقتل فعش آخر العمر قالوا : أقصر عمر الحية ثلثمائة سنة ، ويروى هكذا :
ثلاثين حولا لا أرى منك راحة * لهنك في الدنيا الباقية العمر دمشق خذيها لا تفتك فليلة * تمر بعودي نعشها ليلة القدر فإن أنفلت من عمر صعبة سالما * تكن من نساء الناس لي بيضة العقر هذه الهاء في لهنك بدل من همزة أن في قول البصريين ، وقال غيرهم هي معنى لله أنك .
( تتمة ) من المعلوم المقرر أن الشئ بالشئ يذكر وبضدها تتبين الأشياء ، ولذلك يقال الضد أقرب خطورا بالبال ، وعلى هذا فلا يخفى التقابل بين هذا وبين ما تقدم من قول القائل :
وإن شئت حرمت النساء سواكم * وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا حيث تضمن هذا البيت إظهار السآمة وتجافى الجنوب عن المضاجع مع إدخال صوت الروع في ذهب السامع ، وتضمن ذلك البيت الخطاب بصيغة التعظيم والعطف على سبيل الترقي بمالا يخفى على ذي الذوق السليم .
( فلما أضاءت لنا سدفة * ولاح من الصبح خيط أنارا ) في سورة البقرة عند قوله تعالى ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) الخيط الأبيض :
أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق كالخيط الممدود ، والخيط الأسود : ما يمتد معه من غبش الليل . شبههما بخيطين أبيض وأسود ، وجواب الشرط في البيت الذي بعده :
وما صيد الأعناق فيهم جبلة * ( ولكن أطراف الرماح تصورها ) في سورة البقرة عند قوله تعالى ( فصرهن إليك ) من صاره يصوره صورا وصاره يصيره صيرا : أي فأملهن واضممهن إليك بضم الصاد وكسرها ، ورجل أصيد : لا يستطيع الالتفات من داء ، والرجل يصور عنقه إلى شئ : إذا مال نحوه . يقول : ما صيد الأعناق واعوجاجها جبلة وطبيعة فيهم ولا هو من نخوة وكبر ، وإنما أطراف الرماح صورتها وأمالتها ، قال :
وفرع يصير الجيد وحف كأنه * على الليث قنوان الكروم الدوالح قال في الصحاح : وصاره يصيره : أي أماله ، وقرئ فصرهن إليك بضم الصاد وكسرها . قال الأخفش :
يعنى وجههن إليك ، يقال صر إلى وصر وجهك إلى : أي أقبل على ، وصرت الشئ أيضا : قطعته وفصلته انتهى ، أقول : ومن ألطف ما أنشد من هذا المعنى قوله :
وغلام في ساعة صار كلبا * ثم في ساعتين صار غزالا ( على لا حب لا يهتدى بمناره ) * إذا ساقه العود النباطي جرجرا

نام کتاب : تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف نویسنده : محب الدين الأفندي    جلد : 1  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست