فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر ، وهى استعارة بليغة . وقيل الأوتاد هنا حقيقة . ففي التفسير أنه كان له أوتاد يربط عليها الناس يعذبهم بها ، قال : والبيت لا يبتنى الخ . وما أحسن تشبيههم بيت الشعر ببيت الشعر ، ولقد أحسن المعرى ما شاء في قوله :
حسنت نظم كلام توصفين به * ومنزلا بك معمورا من الخفر فالحسن يظهر في بيتين رونقه * بيت من الشعر أو بيت من الشعر وبعد البيت :
فإن تجمع أسباب وأعمدة * وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا أي أرادوا فإن كان تجئ بمعنى أراد كثيرا ، ومنه قوله :
كدنا وكدت وتلك خير إرادة : لو عاد من زمن الصبابة ما مضى ( ماذا أؤمل بعد آل محرق * تركوا منازلهم وبعد إياد جرت الرياح على مقر ديارهم * فكأنهم كانوا على ميعاد ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة * في ظل ملك ثابت الأوتاد فإذا النعيم وكل ما يلهني به * يوما يصير إلى بلى ونفاد ومنها :
ولقد علمت لو أن علمي نافعي * أن السبيل سبيل ذي الأعواد ) الأبيات للأسود بن يعفر من قصيدته المشهورة التي أولها :
نام الخلى وما أحس رقادي * والهم محتضر لدى وبادى من غير ما سقم ولكن شفنى * هم أراه قد أصاب فؤادي في سورة ص عند قوله تعالى ( ذو الأوتاد ) يقال غنينا بمكان كذا : أي أقمنا به : أي عاشوا وأقاموا في ديارهم بأنعم عيش في ظل ملك رأسي الأوتاد ، وأما تغانوا فمعناه استغنى بعضهم عن بعض .
قال : كلانا غنى عن أخيه حياته * ونحن إذا متنا أشد تغانيا والغانية التي استغنت بزوجها ، قال جميل :
أحب الأيامى إذ بثينة أيم * وأحببت لما أن غنيت الغوانيا ( وقيدت نفسي في ذراك محبة * ومن وجد الإحسان قيدا تقييدا ) هو للمتنبي من قصيدته الدالية المشهورة التي أولها :
لكل امرئ من دهره ما تعودا * وعادة سيف الدولة الطعن في العدا وقبل البيت : تركت الثرى خلفي لمن قل ماله * وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا في سورة ص عند قوله تعالى ( وآخرين مقرنين في الأصفاد ) والصفد : القيد ، وسمى به العطاء لأنه ارتباط للمنعم عليه ، ومنه قول علي رضي الله عنه " من برك فقد أسرك " ومنه ما يقال " " غل يدا مطلقها ، وأرق رقبة معتقها " وفرقوا بين صفد وأصفد فقالوا صفده يصفده قيده وأصفده يصفده أعطاه ، وإنما كان صفد بمعنى قيد وأصفد بمعنى أعطى ، لأن القيد فيه ضيق فناسبه ضيق الحروف وقلتها ، والعطاء كرم فناسبه سعة الحروف وكثرتها