رمتني عن قوس العدو وباعدت * عبيدة زاد الله ما بيننا بعدا وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الزخرف عند قوله تعالى ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) المعنى : إذ صح ظلمكم ولم يبق لكم ولا لأحد شبهة في أنكم كنتم ظالمين وذلك يوم القيامة ، وإذ بدل من اليوم ، ونظيره : إذا ما انتسبنا الخ . إن قلت إلام يرجع الضمير في بها ولم يسبق له مرجع ؟ قلت : هو من باب ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) وإنما أنث الضمير بالنسبة إلى الكينونة المتولدة من لم تلدني .
( تتمة ) في فاعل لن ينفعكم في الآية وجهان : أحدهما أنكم وما عملت فيه ، والثاني أنه ضمير التمني المدلول عليه بقوله : يا ليت بيني من معنى التباعد ويكون المعنى لأنكم . قال أبو البقاء : وأما إذا فمشكلة الأمر لأنها ظرف زمان ماض ولن ينفعكم وفاعله واليوم المذكور ليس بماض ، فقال ابن جنى : راجعت أبا على فيها مرارا فآخر ما حصل منه أن الدنيا والأخرى متصلتان وهما سواء في حكم الله تعالى ، وعليه فتكون إذ بدلا من اليوم حتى كأنها مستقبلة أو كأن اليوم ماض . وقال غيره : الكلام محمول على المعنى ، والمعنى أن ثبوت ظلمهم عندهم يكون يوم القيامة ، فكأنه قال : ولن ينفعكم اليوم إذ صح ظلمكم عندكم ، فهو بدل أيضا . وقال آخرون التقدير بعد إذ ظلمتم فحذف المضاف للعلم به ، وقيل إذ بمعنى أن أي لأن ظلمتم .
( فإن تدفنوا الداء لا نخفه * وإن تبعثوا الحرب لا نقعد ) هو لامرئ القيس . في سورة طه عند قوله تعالى ( إن الساعة آتية أكان أخفيها ) وقرأ أبو الدرداء وسعيد بن جبير أخفيها بالفتح من خفاه إذا أظهره : أي قرب إظهارها كقوله ( اقتربت الساعة ) وقد جاء في بعض اللغات أخفاه بمعنى خفاه ، وبه فسر بيت امرئ القيس : فإن تدفنوا الداء الخ . فأكاد أخفيها محتمل للمعنيين ، والداء الدفين الذي لا يعلم به حتى يظهر ولا نخفه بفتح النون : أي لا نظهره . يقول : إن ترجعوا إلى الصلح لا نظهر العداوة والحرب التي كانت بيننا ، وإن تبعثوا الحرب : أي إن تعودوا إلى الحرب نعد إليها ، وقال آخر :
يخفى التراب بأظلاف ثمانية * في أربع مسهن الأرض تحليل أي رسوخ وهو بفتح الياء أي يظهر .
( هوى من رأس مرقبة * ففتت تحتها كبده ) في سورة طه عند قوله تعالى ( ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى ) أي هلك ، وأصله أن يسقط من جبل فيهلك ، ويقولون هوت أمه ، أي سقط سقوطا لا نهوض بعده ، ومرقبة : ثانية مرتفعة يرقب عليها . يقول :
سقط من رأس جبل فصارت كبده تحت المرقبة متفرقة ، سقط ابن لأعرابي من جبل فمات فرثاه أبوه بقوله :
هوى ابني من على شرف * يهول عقابه صعده هوى من رأس مرقبة * ففتت تحتها كبده ألام على تبكيه * وألمسه فلا أجده وكيف يلام محزون * كبير فاته ولده ( أثوى وأقصر ليله ليزودا * فمضى وأخلف من قتيلة موعدا ) في سورة طه عند قوله تعالى ( وإن لك موعدا لن تخلفه ) من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفا ، ومنه البيت