في سورة التوبة عند قوله تعالى ( إن الله يحب المتقين ) وأنه وارد على سبيل التعليل لأن التقوى وصف مرتب على الحكمين : أعنى قوله فقولوا لهم سيحوا ، وقوله فأتموا ، ومضمونهما عدم التسوية بين الغادر والوافي : أي فاتقوا الله في عدم التسوية كما اتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسو بين بكر وبنى خزاعة . وفد عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشده ذلك . لأهم أصله اللهم ، والميمان في لأهم عوضان عن النداء عند البصريين . إني ناشد محمدا : أي أسأل ربى النصرة بمحمد . يقال ناشدتك الله نشدة : أي طلبت منك بالله تعالى أن تفعل كذا . والحلف : الحليف ، والأحلاف : الذين تحالفوا مع القوم على النصرة والوفاء . وأبيك الأتلدا :
الأقدم . والحطيم : الذي فيه الرداة وهو الحجر ، وقيل إنما سمى حطيما لأنهم كانوا في الجاهلية يحلفون فيه فيحطم الكاذب . والعتيد الحاضر . وقصة ذلك أن قريشا أعانت بنى بكر على خزاعة في غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة حتى نكثوا فيهم ، فأتى الصريخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو عمرو بن سالم وأنشده ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نصرت إن لم أنصركم ، وغضب لهم وخرج إلى مكة ، ونصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وشفى صدور خزاعة من بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، كما قال تعالى ( ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ) .
( أخوك الذي إن قمت بالسيف عامدا * لتضربه لم يستغثك في الود ولو جئت تبغى كفيه لتبينها * لبادر إشفاقا عليك من الرد يرى أنه في الود وإن مقصر * على أنه قد زاد فيه عن الجهد ) في سورة التوبة عند قوله تعالى ( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين ) يقول :
أخوك الذي إن أسأت إليه أحسن إليك حتى لو قمت تضربه بالسيف لا يجدك غثا في المودة ، وبرواية : لا يستغشك من الغش والخيانة ، ولو جئته تطلب أن تقطع يده لبادر إليك فرقا من الرد عليك ، ومع هذا الوفاء والجهد في حفظ أسباب المودة يرى أنه مقصر في الود وان فيه . ومن هذا القبيل قوله :
وليس صديقا من إذا قلت لفظة * توهم في أثناء موقعها أمرا ولكنه من لو قطعت بنانه * توهمه نفعا لمصلحة أخرى وفى معنى هذا البيت قول كثير عزة :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة * لدينا ولا مقلية إن تقلت وقد تقدم شرح هذا البيت في معنى الآية فليراجع ثمة .
( أعاذل شكتي بدني وسيفي * وكل مقلص سهل القياد ) في سورة يونس عند قوله تعالى ( فاليوم ننجيك ببدنك ) أي في الحال الذي لا روح فيه . وإنما أنت بدن ، أو ببدنك كاملا سويا لم ينقص منه شئ ولم يتغير ، أو عريانا لست إلا بدنا من غير لباس ، أو بدرعك كما قال عمرو بن معد يكرب : أعاذل شكتي بدني وسيفي الخ . كانت له درع من ذهب يعرف بها . وكل مقلص بكسر اللام : أي فرس ينقبض ، وقلص إذا انضم . وسهل القياد : أي القود . وكان أصل الكلام : فاليوم نطرحك بعد الغرق بجانب البحر ، ثم سلك طريق التهكم وقال : ننجي بدنك لمزيد التصوير والتهويل ، أوقع ببدنك حالا من الضمير المنصوب لتصوير الهيئة المنكرة في نظر المعتبرين .