الشرب في آنية الذهب والفضة - كما يشير إليه في « تلخيص البيان » في مجازات سورة ص قائلا : ( وقال لي الشيخ أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي أدام اللَّه توفيقه ) . والخوارزمي هذا - كما يقول الخطيب البغدادي - هو شيخ أهل الرأي وفقيههم ، وقد انتهت إليه الرياسة والفتوى في مذهب الإمام أبى حنيفة . وكان لا يميل إلى مباحث علم الكلام ويقول :
ديننا دين العجائز ، ولسنا من الكلام في شئ . وقيل فيه : ما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى ، والإصابة فيها ، وحسن التدريس ، وقد دعى إلى ولاية الحكم مرارا فامتنع منه .
وتوفى سنة 403 ه ودفن بمنزله بدرب عبدة ببغداد ، ثم نقل بعد بضع سنوات إلى تربة في سويقة غالب « 1 » .
( 6 ) - أبو القاسم عيسى بن على بن عيسى بن داود بن الجراح . وقد أشار إليه في « المجازات النبوية » في مجاز قوله عليه السلام : ( الخلق عيال اللَّه عز وجل ، فأحبهم إليه أنفعهم لعياله ) وقال عنه : ( أخبرنا بهذا الحديث أبو القاسم عيسى بن على بن عيسى بن داود ابن الجراح في جملة ما أخبرنا به من الأحاديث ) . وأبو القاسم هذا ممن ترجم لهم الخطيب في « تاريخ بغداد « 2 » » وابن الجوزي في « المنتظم « 3 » » . وكان ثبت السماع صحيح الكتاب ، وأملى الحديث ، وكان عارفا بالمنطق ، ومن هنا رمى باشتغاله بشئ من مذاهب الفلاسفة .
وكان ينظم الشعر ، ومن شعره ما يدل على نزعته العلمية كقوله :
رب ميت قد صار بالعلم حيا * ومبقّي قد حاز جهلا وغيا فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودا * لا تعدوا الحياة في الجهل شيا ويظهر من النادرة التالية أنه كان يتجمل في حياته ، وأنه على الرغم من ضيق العيش كان

( 1 ) تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي ج 3 ص 247 . ( 2 ) المصدر السابق ج 11 ص 179 . ( 3 ) المنتظم لابن الجوزي . ج 7 ص 218 .