نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 83
لهذا لم يكن غريبا على الشريف الرضى أن يرث التسامح واتساع الأفق الديني عن أبيه السمح الموفق . وقد كانت تلمذته ودراسته على مشايخه دليلا على رحابة أفقه المذهبي . فقد كان من شيوخه أبو حفص عمر بن إبراهيم الكناني ، وقد روى عنه الحديث ، وأبو محمد عبد اللَّه بن محمد الأسدي الأكفاني . وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري المتوفى سنة 393 ه ، وكان فقيها على مذهب الإمام مالك ، وكان - بشهادة المؤرخ ابن الجوزي - شيخ الشهود ومقدمهم ، كما كان كريما مفضلا على أهل العلم « 1 » . وكانت علاقة الشريف الشيعي بهذا الأستاذ السني علاقة الابن بأبيه . وقد روى ابن الجوزي أن الشريف قرأ على هذا الشيخ القرآن ، فقال له يوما : أيها الشريف ! أين مقامك ؟ فقال : في دار أبى بباب المحول ، فقال له : مثلك لا يقيم بدار أبيه ، ونحله الدار التي بالبركة في الكرخ ، فامتنع الرضى ، وقال : لم أقبل من غير أبى قط شيئا ! فقال له : حقي عليك أعظم لأنني حفظتك كتاب اللَّه ، فقبلها « 2 » . والحق أننا لم نلحظ فيما كتبه الشريف الرضى أو نظمه أثرا لتعصب ممقوت ، أو لمحة من عصبية ظاهرة ، ولم نر فيه خروجا عن جادة الحلم والتوقر حين يغضب لعلى بن أبى طالب أو لأبنائه وحفدته من العلويين ، ولم نلحظ عنده عنفا في القول ، أو غلاظة في الدفاع إلا حين تحدث في « المجازات النبوية » عن حسان بن ثابت شاعر الرسول والدعوة الإسلامية . فحين أخذ يكشف عن وجوه المجاز في قوله عليه السلام : ( حسّان حجاز بين المؤمنين والمنافقين ، لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن ) بدأ يقول : [ وهذا
( 1 ) المنتظم لابن الجوزي ج 7 ص 223 ( 2 ) المصدر السابق .
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 83