نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 52
عليه دون غيره ، دللنا بذلك على المبالغة في الوعيد من الجهة التي هي أعرف عندنا ، ليقع الزجر بأبلغ الألفاظ ، وأدلّ الكلام على معنى الإيعاد . وقال بعضهم : أصل الاستعارة موضوع على مستعار منه ، ومستعار له ، فالمستعار منه أصل ، وهو أقوى : والمستعار له فرع ، وهو أضعف ، وهذا مطرد في سائر الاستعارات . فإذا تقرر ذلك كان قوله تعالى : * ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّه الثَّقَلانِ ) * من هذا القبيل . فالمستعار منه هاهنا ما يجوز فيه الشغل وهو أفعال العباد ، والمستعار له ما لا يجوز فيه الشغل ، وهو أفعال اللَّه تعالى ، والمعنى الجامع لهما الوعيد ، إلا أن الوعيد بقول القائل : سأتفرغ لعقوبتك أقوى من الوعيد بقوله : سأعاقبك ، من قبل أنه كأنما قال : سأتجرد لمعاقبتك ، كأنه يريد استفراغ قوته في العقوبة له ، ثم جاء القرآن على مطرح كلام العرب ، لأن معناه أسبق إلى النفس وأظهر للعقل . والمراد به تغليظ الوعيد ، والمبالغة في التحذير . . . ] ولا يقف الشريف الرضى عند هذا المدى من بيان الاستعارة في هذه الآية . . . ولكنه يمضى في البيان نصف صفحة أخرى حتى يوفى البيان حقه ، ويبلغ البحث أجله . فأين هذه الإفاضة في توضيح مغازي الكلام ومرامي القول في هذه الآية من قول ابن قتيبة في مجازها وهو لا يعدو ثلاثة أسطر ؟ . على أن موازنة واحدة قد يكون فيها من الجور في الحكم ما لا نرضى لأنفسنا به ، ونحن هنا لا نوازن قصد التعصب لرجل على رجل ، ولكن لنبين عن مدى التطور في النظرة إلى تأويل القرآن الكريم والكشف عن مجازه ، ووجوه إعجازه . فأبو عبيدة في القرن الثاني الهجري يوجز في التأويل والتفسير إيجازا كان من طبيعة العصر الذي عاش فيه ، وابن قتيبة في القرن الثالث يمد في حبل البيان بما يوائم زمانه وما اقتضته سنة التدرج
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 52