نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 47
فإذا انتقلنا إلى الشريف الرضى - في القرن الرابع الهجري - وجدناه يفيض في الشرح ، ويتوسع في التأويل بما لا يكشف عنه إلا الموازنة بين هؤلاء الثلاثة في مواضع متحدة ، وآيات بعينها من كتاب اللَّه . فأبو عبيدة يقول في تأويل قوله تعالى : * ( ولا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ) * من سورة الإسراء : [ مجازه في موضع قولهم : لا تمسك عما ينبغي لك أن تبذل من الحق ، وهو مثل وتشبيه ] على حين أن الشريف الرضى يقول في مجاز هذه الآية : [ وهذه استعارة . وليس المراد بها اليد التي هي الجارحة على الحقيقة ، وإنما الكلام الأول كناية عن التقتير ، والكلام الآخر كناية عن التبذير . وكلاهما مذموم ، حتى يقف كل منهما عند حده ، ولا يجرى إلا إلى أمده ، وقد فسر هذا قوله سبحانه : * ( والَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا وكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) * ] . وأبو عبيدة يقول في تأويل قوله تعالى : * ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) * : [ الخيط الأبيض هو الصبح المصدق ، والخيط الأسود هو الليل ، والخيط هو اللون ] « 1 » ثم لا يزيد على هذا كلمة واحدة في تفسير هذه الآية ، على حين أن الشريف الرضى يقول في بيان مجازها : [ وهذه استعارة عجيبة . والمراد بها على أحد التأويلات : حتى يتبين بياض الصبح من سواد الليل ، والخيطان هاهنا مجاز ، وإنما شبها بذلك لأن خيط الصبح يكون في أول طلوعه مستدقا خافيا ، ويكون سواد الليل منقضيا موليا ، فهما جميعا ضعيفان ، إلا أن هذا يزداد انتشارا ، وهذا يزداد استسرارا ] فهل ترك الشريف الرضى - رضى اللَّه عنه - بهذا الشرح اللطيف ، والبيان الدقيق ، والبلاغة
( 1 ) مجاز القرآن ، لأبى عبيدة ص 68 .
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 47