نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 34
كتاب اللَّه ، من يطلع دفائنها ويخرج خزائنها ويعرضها عرض الصيرفي الخبير والناقد البصير ؟ وهذه الاستعمالات القرآنية العجيبة من يجد لها في لغة العرب ما جرى القرآن على مسنونه ، حتى لا يكون هذا الكتاب الكريم بدعا مما اعتادته العرب من وجوه الكلام ؟ . وهذه المجازات القرآنية من يميط اللثام عن حقيقتها ، ويزيح الشّبه الناجمة من سوء فهمها ؟ ألم يفهم قوم من قوله تعالى : * ( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) * معنى التناسخ . مع أن اللَّه - كما يقول ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن - لم يرد في هذا الخطاب إنسانا بعينه ، وإنما خاطب جميع الناس كما قال : * ( يا أَيُّهَا الإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً ) * كما يقول القائل : يا أيها الرجل ! وكلكم ذلك الرجل . فأراد أنه صوّرهم وعدّلهم في أي صورة شاء ركّبهم من حسن وقبح ، وبياض وسواد ، وأدمة وحمرة . وهذه الاستعارات القرآنية من يكشف عن حقيقتها فيبين أن ظاهر اللفظ لم يقصد ، وإنما قصد غيره لعلاقة ؟ ففي قوله تعالى : * ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ) * لم يقصد ظاهر الكلام من الكشف عن السوق حقيقة ، [ وإنما المقصود أنه يكشف عن شدة من الأمر - كما قال قتادة - أو عن أمر عظيم كما قال إبراهيم النخعي . وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجد فيه شمّر عن ساقه . فاستعيرت الساق في موضع الشدة ] « 1 » وفى قوله تعالى : * ( وثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) * من الذي يبين لنا أنه المقصود ليس تطهير الثياب حقيقة وإنما القصد تطهير النفس من الذنوب ، فكنى عن الجسم بالثياب لأنها تشتمل عليه ؟ « 2 » ثم قد تكون الثياب هنا بمعنى الأزواج ، لأنّ اللَّه قال في آية أخرى عن الأزواج : * ( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ) * واللباس والثياب بمعنى واحد ، فكأنه تعالى أمر النبي
( 1 ) تأويل مشكل القرآن . لابن قتيبة ص 103 . ( 2 ) المصدر السابق ص 107 .
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 34