نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 104
والنّبع في الصخرة الصماء منبته * والنخل ينبت بين الماء والعجل والشريف هنا يبدو ناقدا أديبا لغويا دقيقا ، فهو لا يحتج بشعر من لا يحتج بشعرهم من المولدين ، وقد لاحظنا أنه في « المجازات النبوية » و « تلخيص البيان » لم يستشهد إلا بشعر عربي فصيح صحيح ، فلم يستشهد مرة واحدة ببيت مولد . ونراه في مجازات سورة الزمر يسوقه القول إلى بيت الأعشى : فتى لو ينادى الشمس ألقت قناعها * أو القمر الساري لألقى المقالدا فيقول : ( وقال بعض العلماء : ليس قول الشاعر هاهنا « ينادى الشمس » من النداء الذي هو رفع الصوت ، وإنما هو من المجالسة . تقول : ناديت فلانا ، إذا جالسته في النادي ، فكأنه قال : لو يجالس الشمس لألقت قناعها شغفا به ، وتبرجا له . وهذا من غريب القول ) . وفى مجازات سورة الحشر نراه يقول في مجاز قوله تعالى : * ( والَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ والإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) * : ( . . . المعنى أنهم استقروا في الإيمان ، كاستقرارهم في الأوطان . وهذا من صميم البلاغة ، ولباب الفصاحة . وقد زاد اللفظ المستعار هاهنا معنى الكلام رونقا . ألا ترى كم بين قولنا : استقرّوا في الإيمان ، وبين قولنا : تبوّؤا الإيمان . وأنا أقول أبدا : إن الألفاظ خدم للمعاني ، لأنها تعمل في تحسين معارضها ، وتنميق مطالبها ) . فقوله رضى اللَّه عنه : « وأنا أقول أبدا » يحمل معنى قيامه بقضية البلاغة ، وخدمة الألفاظ للمعاني ، مع مضيه في هذه الدعوة البيانية ، والزعامة البلاغية إلى حد المناداة على نفسه .
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 104