السيد صاحب التفسير أعلى اللَّه مقامه إنّ الأمم الحيّة والشعوب اليقظة في كلّ عصر من عصور التأريخ وعلى امتداد الأرض المعمورة تعرف بتقديرها للعلم واحترامها للعلماء والأخذ عنهم والاغتراف من مناهلهم العذبة الرويّة ، فهم المقياس الحقّ لحياة الأمم والشعوب أو موتها . وأمّتنا الإسلاميّة أشرف الأمم ، ويزخر تأريخها بالمكانة السامية التي يحتلَّها العلماء في نفوس الناس ، والمنزلة الرفيعة التي بلغوها في قلوبهم ، وبالأخصّ العلماء الذين تخرّجوا من تلك المدرسة العظيمة التي بنى أساسها الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام ، كما ونجد القرآن الكريم يعطي العلماء منزلة تجعلهم في مصافّ الملائكة المنزّهين فيقول :
* ( شَهِدَ اللَّه أَنَّه لا إِله إِلَّا هُوَ والْمَلائِكَةُ وأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِله إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) * « 1 » كما نراه جلّ وعلا يمنحهم منزلة الخشية منه سبحانه وتعالى على سبيل الحصر ، فيقول جلّ وعلا : * ( إِنَّما يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبادِه الْعُلَماءُ ) * « 2 » .
وهو بعد هذا وذاك يرفعهم درجات فيقول : * ( يَرْفَعِ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) * « 3 » إلى كثير من الآيات القرآنيّة التي تكشف عن مكانة العلماء عند اللَّه سبحانه وتعالى .
وهكذا برز العلماء ، وخرّجت الحوزات العلميّة المقدّسة الفطاحل منهم الذين تركوا آثارا وتراثا استقوه من فكر ونهج أهل البيت عليهم السّلام ، ينير البشريّة جمعاء ، ومن بين هؤلاء النوادر الذين أثروا المكتبة الإسلاميّة بمؤلَّفاتهم وعلمهم صاحب هذا التفسير العظيم « تقريب القرآن إلى الأذهان » المرجع الديني الكبير الإمام السيّد محمد الحسيني الشيرازي ( أعلى اللَّه