ربّما يصعب علينا فهم آية ما من الآيات ، أو معرفة الهدف منها لابتعادنا عن عصر الوحي وعدم اطَّلاعنا على ملابسات نزول تلك الآية بنحوها الكامل والقرائن الحاليّة أو المقاميّة ونحوها السائدة في المجتمع الإسلامي آنذاك ، فيأتي أسلوب « جمع الآيات إلى جانب بعضها » ليساعدنا على رفع بعض الغموض وإزالة شيء من الإبهام ، وتنكشف لنا بسبب هذا الجمع ملامح الحقيقة من خلال غيوم الاحتمالات وسحب الأوهام التي قد تكتنف آية من الآيات ولهذا قيل : « إنّ القرآن يفسّر بعضه بعضا » « 1 » وورد عن مولانا أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام تأكيد لذلك : « كتاب اللَّه تبصرون به وتنطقون به ، وتسمعون به ، وينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض » « 2 » .
هذا والتفسير الشريف الذي نتحدّث عنه وإن كان قد جاري طرق القدامى في نهجه وطريقته إلَّا أنّه حاول فيه المصنّف ( أعلى اللَّه مقامه ) أن يقترب بعض الشيء إلى الطريقة الجديدة ، فسعى إلى إيجاد ربط بين الآيات المختلفة ، وأشار إلى الجهات الأخرى المكمّلة لمعاني الآيات المفسّرة في موردها ، وفي بعضها أشار إلى عنوانها ، وبذلك يكون قد سهّل على القارئ الوصول إلى بعض الحقيقة كاملة ، وكان موفّقا في ذلك لأنّ من أصعب ما يجده الكاتب في مثل هذا النوع من الكتابات أن يجمع المعاني المتعدّدة في عبارة موجزة ومختصرة ، خصوصا وأنّه يفسّر القرآن .
القرآن يفسّره الزمان إنّ تطور الزمن وتقدّم العلوم أكسب المحقّقين والمفكّرين نمطا جديدا من الرؤية ، حيث تتأكّد هنا أهمّيّة وضرورة التفسير الموضوعي ، فقد أصبح كلّ فريق من هؤلاء المفكّرين والمحقّقين وبالاعتماد على هذا النوع من التفسير يستخرج من القرآن الكريم مفاهيم وأمورا علميّة جديدة تطابق