من تفاعلهما أصناف الثمار لتعرفوه بالخالقيّة والرازقية فتوحدوه .
« فَلا تَجْعَلُوا لِلَّه أَنْداداً » : جمع ند وهو المثل اى أمثالا تعبدونهم كعبادة اللَّه ، قال ابن عباس لا تقولوا لولا فلان لأصابني كذا ولولا كلبنا يصيح على الباب لسرق متاعنا ، وعن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم قال ايّاكم ولو ، فانّه من كلام المنافقين ، قالوا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا .
« وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ » : انّ اللَّه هو الذي خلقكم وخلق الأرزاق لكم لتعبدوه وتعرفوه باستحقاقه الوحدانيّة والتفرد ، والآية تفيد انّ الإنسان لا بدّ ان يخلص عمله للَّه فقط ، ويترك ملاحظة الأغيار .
واعلم انّ معرفة النفس من اهمّ الأمور فيكون نعرف ما هي ، واىّ شيء هي ، ولاىّ شيء أوجدت فينا ، حتى نستعملها فيما ينبغي ، ونمنعها عمّا لا ينبغي ، وما الذي يزكيها فنفلح وما الذي يدسيها فنخيب ، كما قال اللَّه قد أفلح من زكّيها وقد خاب من دسّيها ، وقد اتضح انّ فينا شيء ليس بجسم ، ولا بجزء من جسم ، ولا عرض ، بل هو جوهر بسيط غير محسوس بشيء من الحواس ، وله افعال تضاد افعال الأجسام ، ولا يشاركها في حال من الأحوال ، والدليل على انّه ليس بجسم ولا عرض ، انّ كلّ جسم له صورة ما ، فانّه ليس يقبل صورة أخرى ، الا بعد مفارقة الصورة الأولى ، مثل انّ الجسم إذا كان في صورة وشكل من الأشكال كالتثليث مثلا فليس يقبل شكلا أخر من التربيع والتدوير الا ان يفارقه الشكل الأول وان بقي فيه شيء من رسم الصورة الأولى ، لم يقبل الصورة الثانية على التمام بل يخلط به الصورتان ، ولا يخلص له أحدهما على التمام ، ونحن نجد أنفسنا تقبل صور الأشياء كلها على اختلافها من المحسوسات والمعقولات على التمام من غير مفارقة للأولى ولا زوال رسم ، بل يبقى الرسم الأول تاما كاملا وتقبل الرسم الثاني أيضا تاما كاملا ثم لا تزال تقبل صورة بعد صورة دائما ، وهذه الخاصة مضادة الخواص الأجسام وبهذه العلَّة يزداد الإنسان فهما كلما تخرج في العلوم والآداب ، فليست النفس جسما .
وامّا انّها ليست ، بعرض لأن العرض في نفسه محمول ابدا ، موجود في غيره ، لا قوام له بذاته ، فثبت ان طباع النفس وجوهرها من غير طباع الجسم وللبدن ، وانها أكرم