* ( [ لآياتٍ ] ) * اسم إنّ دخلته اللام لتأخّره عن خبرها ولو كان في موضعه لما جاز دخول اللام عليه ، والتنكير للتفخيم كمّا وكيفا : أي آيات كثيرة عظيمة دالَّة على القدرة القاهرة * ( [ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ] ) * ويتفكّرون فيها بالعقول والقلوب فيستدلوّن بها على موجدها فيوحّدونه ، وفيه تعريض للمشركين الَّذين اقترحوا على الرسول آية تصدّقه في قوله :
« وإِلهُكُمْ إِله واحِدٌ » إذ لو عقلوه لكفاهم بهذه التصاريف آية ، قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ويل لمن قرأ هذه فمجّ بها . ومعنى المجّ قذف الريق ونحوه ، استعير هنا لعدم التدبّر أي من تفكّر فيها فكانّه حفظها ولم يلقها من فيه .
واعلم أنّ قوله : « وإِلهُكُمْ إِله واحِدٌ » هو توحيد الذات ، ولمّا دقّ هذا التوحيد عن مبالغ أفهام الخلق بيّن سبحانه توحيد الصفات بقوله : « الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ » ثمّ بيّن في هذه الآية وهي أنّ في خلق السماوات والأرض توحيد الأفعال ، يستدلّ به عليه ويتبيّن لهم أنّه الحقّ ، فالعالم - بما فيه - خلق للمعرفة فلو لم يكن لأجل معرفة اللَّه خلق الإنسان العارف ما خلق العالم بما فيه ، كما قال سبحانه : « لولاك لما خلقت الكون » خطابا للنبيّ العربيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فالعالم مرآة يظهر فيه قدرة الحقّ وجلاله ، والإنسان هو المشاهد لتلك الآيات ، وهذا معنى قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : من عرف نفسه فقد عرف ربّه لأنّ نفسه مرآة بعض قدرته كما قال سبحانه : « سَنُرِيهِمْ آياتِنا » .
وممّا يدلّ على أنّ خلق السماوات والأرض تبع لخلق الإنسان الكامل قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : لا تقوم الساعة حتّى لا يقال في الأرض : اللَّه اللَّه لأنّه إذا لم يبق المتبوع لم يبق التابع ، رزقنا اللَّه عرفان الهدى ومجانبة الهوى .