بِالْوَعِيدِ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ . وهذا صريح في انّه تعالى لا بدّ وان يفعل ولا مخلص من عذابه ، فهذا مجموع ما تمسّكوا به من عمومات القرآن .
وأمّا عمومات الأخبار فكثيرة ، فالمذكور بصيغة من ، ما روى وقّاص ابن ربيعة ، قال : قال رسول اللَّه : من أكل بأخيه أكلة ، أطعمه اللَّه من نار جهنّم ومن أخذ بأخيه كسوة ، كساه اللَّه من نار جهنّم ، ومن قام مقام رياء وسمعة ، اقامه اللَّه يوم القيامة مقام رياء وسمعة . وهذا نصّ في عذاب الفاسق . وكذلك المذكور بصيغة من ، قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم :
من كان ذا لسانين وذا وجهين كان في النّار . ولم يفصل بين المؤمن والمنافق . وكذلك المذكور بصيغة من . قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : من ظلم قيد شبر من ارض ، طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين . وكذلك قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : كلّ مسكر خمر وكلّ خمر حرام ومن شرب الخمر في الدنيا ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة . وهو صريح في وعيد الفاسق وانّه من أهل الخلود ، لأنّه إذا لم يشربها لم يدخل الجنّة ، لأنّ فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين . عنه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : الصلاة من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيمة ، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة ولا ثوابا وكان يوم القيمة مع قارون وهامان وفرعون وابيّ بن خلف . وهذا نصّ في انّ ترك الصّلوة يحبط العمل ويوجب عذاب الأبد . وأمثال هذه الأخبار كثيرة لا تحصى .
النوع الثّانى من العمومات : الأخبار الواردة لا بصيغة « من » . وهي كثيرة لا تحصى . عن نافع مولى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لا يدخل الجنّة مسكين متكبّر ولا شيخ زان ولا منّان بعمله على اللَّه . ومن لم يدخل الجنّة من المكلَّفين فهو من أهل النار . وأمثال هذه الأخبار أيضا كثيرة . هذا مجموع استدلال المعتزلة الوعيديّة بعمومات القرآن والاخبار .
وأجاب الأشاعرة عنها من وجوه : اوّلها لا نسلَّم انّ صيغة « من » في معرض الشرط للعموم . ولا نسلَّم انّ صيغة الجمع إذا كانت معرّفة باللَّام للعموم .
الأول : انّه يصحّ إدخال لفظتي الكلّ والبعض على هاتين اللَّفظتين ، فيقال كلّ من دخل دارى أكرمته وبعض من دخل دارى أكرمته ويقال كلّ الناس كذا وبعض