نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 269
إذا كان جمادا فمحال أن يكون فيه معرفة الله ، وإن كان بنيته بنية الحي ، فإنه لا يكون جبلا . واما الخبر فإن صح ، فإن معناه أنه سبحانه أحياه ، فسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أعاده حجرا ، ويكون معجزا له عليه السلام . وثالثها : إنه يدعو المتفكر فيه إلى خشية الله ، أو يوجب الخشية له ، بدلالته على صانعه ، لما يرى فيه من الدلالات والعجائب . وأضاف الخشية إليه ، لأن التفكر فيه هو الداعي إلى الخشية ، كما قال جرير بن عطية : وأعور من نبهان أما نهاره * فأعمى ، وأما ليله فبصير فجعل الصفة لليل والنهار ، وهو يريد صاحبه النبهاني الذي يهجوه بذلك من أجل أنه كان فيهما على ما وصفه به . ورابعها : إنه إنما ذكر ذلك على سبيل ضرب المثل ، أي : كأنه يخشى الله سبحانه في المثل ، لانقياده لأمره ، ووجد منه ما لو وجد من حي عاقل ، لكان دليلا على خشية كقوله سبحانه : ( فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ) أي : كأنه يريد ، لأنه ظهر فيه من الميل ما لو ظهر من حي لدل على إرادته الانقضاض ، ومثله قوله ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده ) وكما قال زيد الخيل : بجمع تضل البلق في حجراته ، * ترى الأكم فيها سجدا للحوافر فجعل ما ظهر في الأكم من آثار الحوافر ، وقلة مدافعتها لها ، كما يدافع الحجر الصلد ، سجودا لها . ولو كانت الأكم في صلابة الحديد حتى تمتنع على الحوافر ، لم يقل إنها تسجد للحوافر . قال جرير : لما أتى خبر الزبير تواضعت * سور المدينة ، والجبال الخشع أي : كأنها كذلك . وقال جرير أيضا : والشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك نجوم الليل ، والقمرا وكما قال [1] سبحانه : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) أي : لو كانت الجبال مما يخشع لشئ ما ، لرأيته خاشعا . ويؤيد هذا الوجه قوله سبحانه : ( وتلك الأمثال نضربها للناس ) . وخامسها : إن هبط يجوز أن يكون متعديا قال الشاعر :