نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 268
يتنافى . وفائدة هذا الجواب ان قلوب هؤلاء مع قساوتها ، ربما لانت بعض اللين ، وكادت تصغي إلى إلحق ، فتكون في هذا الحال كالحجارة التي ربما لانت ، وتكون في حال أخرى في نهاية البعد عن الخير ، فتكون أشد من الحجارة . وجواب آخر وهو : إن قلوبهم لا تكون أشد من الحجارة إلا بعد أن يكون فيها قسوة الحجارة ، لأن قولنا : فلان أعلم من فلان ، إخبار بأنه زائد عليه في العلم الذي اشتركا فيه ، فلا بد من الاشتراك ، ثم الزيادة . فلا تنافي هاهنا . ثم فضل [1] سبحانه الحجارة على القلب القاسي فقال : ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ) معناه : إن من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم القاسية ، فيتفجر منه أنهار الماء . واستغنى بذكر الأنهار عن ذكر الماء . وقيل : المراد منه الحجر الذي كان ينفجر منه اثنتا عشرة عينا . وقيل : هو عام . ( وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ) يعني ومن الحجارة ما يخرج منه الماء ، فيكون عينا نابعة ، لا أنهارا جارية ، حتى يكون مخالفا للأول . وقال الحسين بن علي المغربي : الحجارة الأولى حجارة الجبال منها تتفجر الأنهار . والثانية حجر موسى عليه السلام ، الذي كان يضربه فيخرج منه العيون ، فلا يكون تكرارا . وقوله : ( وإن منها لما يهبط من خشية الله ) الضمير في ( منها ) يرجع إلى الحجارة ، أي : ومن الحجارة ما يهبط من خشية الله ، وعليه أكثر أهل التفسير . وقيل : يرجع إلى القلوب أي : ومن القلوب ما يهبط من خشية الله أي : تخشع ، وهي قلوب من آمن من أهل الكتاب ، فيكونون مستثنين من القاسية قلوبهم ، عن أبي مسلم . ومن قال : إن الضمير يرجع إلى الحجارة فإنهم اختلفوا في تأويله على وجوه أحدها : ما روي عن مجاهد ، وابن جريج أن كل حجر تردى من رأس جبل ، فهو من خشية الله ، فمعناه : إن الحجارة قد تصير إلى الحال التي ذكرها من خشية الله ، وقلوب اليهود لا تخشى ولا تخشع ولا تلين ، لأنهم عارفون بصدق محمد ، ثم لا يؤمنون به ، فقلوبهم أقسى من الحجارة وثانيها : ما قاله الزجاج : إن الله تعالى أعطى بعض الجبال المعرفة ، فعقل طاعة الله نحو الجبل الذي تجلى الله ، عز وجل ، له ، حين كلم موسى ، فصار دكا [2] . وكما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " إن حجرا كان يسلم علي في الجاهلية ، وإني لأعرفه الآن " . وهذا الوجه ضعيف ، لأن الجبل