نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 19
السعادة الأبدية ، والفوز الأخروي ، باتباع أوامره تعالى ، وتجنب معاصيه ، سواء في ذلك أمر المعاد والمعاش . وقد بين الله تعالى لعباده طرق الفوز ، ودلهم على ما يرضيه من الأعمال التي تعود عليهم أنفسهم بالصلاح ، بما أنزله من الشرائع الإلهية على لسان أنبيائه الكرام ، عليهم الصلاة والسلام ، الذين أقام بهم الحجة على العباد ، فصدعوا بأمره ، وزجروا عن معصيته ، فأنزل الله على كل رسول ذي شريعة كتابا بلسان قومه ، ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وليسمعوا كلام ربهم ، ويعرفوا أحكامه . والرسول هو الزعيم بتفصيل ما أجمل في الكتاب ، وتبيان ما أبهم منه ، فكان من ذلك الكتاب ، وكان من ذلك السنة النبوية ، اللذان هما أول الأدلة عند علماء أصول الفقه ، ثم علم الأنبياء أوصياءهم وأمناءهم وخواص أصحابهم ما إليه يرجعون ، وبه يهتدون ، من معاني كتاب ربهم ، وسنة نبيهم ، ليكونوا بعده منارا به يهتدى ، ونبراسا بنوره يستضاء إذا أدلهم ليل الجهالة ، وأدجن ظلام الأهواء ، لئلا تذهب بالأمة مذاهب الأهواء ، فتصرف موارد الشريعة عن مجراها ويتأولون أحكام الله على ما يريدون لا على ما يريد الله ، ميلا مع الشهوات وجريا مع الأهواء المضلة ويتكلمون بالرأي في القرآن بلا سند إليه يسندون ولا استمساك بكلام الراسخين في العلم إليه يرجعون كما صرف بعض الصوفية معنى قوله تعالى ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) إلى معنى الحب والعشق ، وكما ذهب إليه بعض الجاهلين من معنى قوله تعالى : ( ومن شر غاسق إذا وقب ) فتكلم فيه بما لا أستحسن ذكره ، وكما تصرف بعض المنتسبين إلى العلم في قوله تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) فكتبها ووصل ذا بلام الذي ، وقطع عين يشفع عنها ، وجعلها كلمة مستقلة ، فقال فيها من ذل ذي يشف ع ، وجعل ذي إشارة إلى النفس ، ويشف من الشفاء ، وع أمرا من الوعي ، فكان معناها ( وأستغفر الله ) من ذل هذه النفس يشف فع هذا الأمر . وأنت خبير بما لهذا الشذوذ من القيمة عند أولي العلم ، نجانا الله من أمثال هذه الجهالات . ولهذا ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، برواية ابن عباس بأنه : ( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ) . وكان الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يتلقون منه ما يصل بهم إلى فهم كتاب ربهم ، ومعرفة ما يراد منه في كثير من الآيات ، فاتسعت دائرة السنة النبوية ، والأحاديث الشريفة ، كل متسع ، ونشأ من ذلك علم التفسير الذي عني المسلمون به
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 19