نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 126
تخصص الجملة التي قبلها ، كما أنها في التبعيض تخصص الجملة التي بعدها ورابعها : أن تقع مزيدة نحو : ما جاءني من رجل . فإذا قد عرفت هذا ، فقوله تعالى : ( من مثله ) قال بعضهم : إن " من " بمعنى التبعيض ، وتقديره : فأتوا ببعض ما هو مثل له وهو سورة . وقيل : هو لتبيين الصفة . وقيل : إن " من " مزيدة لقوله في موضع آخر بسورة " مثله " أي : مثل هذا القرآن . وتعود الهاء في ( مثله ) إلى " ما " من قوله ( مما نزلنا على عبدنا ) في الأقوال الثلاثة . وقيل : إن " من " بمعنى ابتداء الغاية . والهاء من " مثله " : يعود إلى " عبدنا " ، فيكون معناه بسورة من رجل مثله . والأول أقوى لما نذكره بعد . المعنى : لما احتج الله تعالى للتوحيد ، عقبه من الإحتجاج للنبوة بما قطع عذرهم فقال : وإن كنتم في شك من صدق هذا الكتاب الذي أنزلنا على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وقلتم لا ندري هل هو من عند الله أم لا ( فأتوا بسورة من مثله ) أي : من مثل القرآن . وعلي قول من يقول الضمير في مثله عائد إلى " عبدنا " : فالمعنى فأتوا بسورة من بشر أمي مثله لا يحسن الخط والكتابة ، ولا يدري الكتب . والصحيح هو الأول لقوله تعالى في سورة أخرى : " فليأتوا بحديث مثله " ، وقوله " فأتوا بسورة مثله " . وقوله : " لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ) يعني فأتوا بسورة مثلما أتى به محمد في الإعجاز من حسن النظم وجزالة اللفظ والفصاحة التي اختصت به ، والإخبار عما كان وعما يكون ، دون تعلم الكتب ، ودراسة الأخبار . وقوله : " وادعوا شهداءكم " قال ابن عباس : يعني أعوانكم وأنصاركم الذين يظاهرونكم على تكذيبكم . وسمي أعوانهم شهداء ، لأنهم يشاهدونهم عند المعاونة . والشهيد يكون بمعنى المشاهد كالجليس والأكيل ، ويسمى الشاهد على الشئ لغيره بما يحقق دعواه بأنه شهيد أيضا . وقوله : ( من دون الله ) أي من غير الله ، كما يقال : ما دون الله مخلوق ، يريد وادعوا من اتخذتموهم معاونين من غير الله ( إن كنتم صادقين ) في أن هذا الكتاب يقوله محمد من نفسه . وقال الفراء : أراد وادعوا آلهتكم . وقال مجاهد ، وابن جريج : أراد قوما يشهدون لكم بذلك ممن يقبل قولهم . وقول ابن عباس أقوى . لأن معناه استنصروا أعوانكم على أن يأتوا بمثله ، لأن الدعاء بمعنى الاستعانة كما قال الشاعر [1] :