نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 491
( تخفيف من ربكم ورحمة ) معناه إنه جعل لكم القصاص أو الدية أو العفو وخيركم بينها ، وكان لأهل التوراة القصاص أو العفو ، ولأهل الإنجيل العفو أو الدية . وقوله : ( فمن اعتدى بعد ذلك ) أي بأن قتل بعد قبول الدية ، أو العفو ، عن ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام . وقيل : بأن قتل غير قاتله ، أو طلب أكثر مما وجب له من الدية . وقيل : بأن جاوز الحد بعد ما بين له كيفية القصاص . قال القاضي : ويجب حمله على الجميع لعموم اللفظ ( فله عذاب أليم ) في الآخرة . ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ( 179 ) ) . اللغة : الألباب : العقول ، واحدها لب ، مأخوذ من لب النخلة . ولب بالمكان وألب به : إذا قام . واللب : البال . المعنى : ثم بين سبحانه وجه الحكمة في إيجاب القصاص ، فقال : ( ولكم ) أيها المخاطبون ( في القصاص حياة ) فيه قولان أحدهما : إن معناه في إيجاب القصاص حياة ، لأن من هم بالقتل فذكر القصاص ارتدع ، فكان ذلك سببا للحياة ، عن مجاهد وقتادة وأكثر أهل العلم والثاني : إن معناه لكم في وقوع القتل حياة ، لأنه لا يقتل إلا القاتل دون غيره ، بخلاف ما كان يفعله أهل الجاهلية الذين كانوا يتفانون بالطوائل ( 1 ) ، عن السدي والمعنيان جميعا حسنان ، ونظيره من كلام العرب : القتل أنفى للقتل ، إلا أن ما في القران أكثر فائدة ، وأوجز في العبارة ، وأبعد من الكلفة بتكرير الجملة ، وأحسن تأليفا بالحروف المتلائمة . فأما كثرة الفائدة فلأن فيه جميع ما في قولهم القتل أنفى للقتل ، وزيادة معاني منها : إبانة العدل لذكره القصاص . ومنها : إبانة الغرض المرغوب فيه ، وهو الحياة . ومنها : الاستدعاء بالرغبة والرهبة ، وحكم الله به . وأما الإيجاز في العبارة فإن الذي هو نظير القتل أنفى للقتل ، قوله : ( القصاص حياة ) ، وهو عشرة أحرف ، وذلك أربعة عشر حرفا . وأما بعده من الكلفة فهو أن في قولهم القتل أنفى للقتل تكريرا غيره أبلغ منه . وأما الحسن بتأليف الحروف المتلائمة فإنه مدرك بالحس ، وموجود باللفظ ، فإن الخروج من الفاء إلى اللام أعدل من
( 1 ) يقال : بينهم طائلة أي : عداوة . والجمع طوائل .
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 491