نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 480
أبي مسلم . وقيل : إنهم كانوا اشتروا العذاب بالمغفرة لما عرفوا ما أعد الله لمن عصاه من العذاب ، ولمن أطاعه من الثواب ، ثم أقاموا على ما هم عليه من المعصية مصرين عن القاضي وهذا أولى لأنه إذا أمكن حمل الكلام على زيادة فائدة ، كان أولى ، فكان اشتراؤهم الضلالة يرجع إلى عدولهم عن طريق العلم إلى طريق الجهل ، واشتراؤهم العذاب بالمغفرة يرجع إلى عدولهم عما يوجب الجنة إلى ما يوجب النار . وقوله : ( فما أصبرهم على النار ) فيه أقوال أحدها : إن معناه ما أجرأهم على النار ذهب إليه الحسن وقتادة ، ورواه علي بن إبراهيم بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام . والثاني : ما أعملهم بأعمال أهل النار ، عن مجاهد وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام . والثالث : ما أبقاهم على النار ، كما يقال : ما أصبر فلانا على الحبس ، عن الزجاج . والرابع : ما أدومهم على النار أي : ما أدومهم على عمل أهل النار ، كما يقال : ما أشبه سخاءك بحاتم [1] ، عن الكسائي وقطرب . وعلى هذه الوجوه فظاهر الكلام التعجب ، والتعجب لا يجوز على القديم سبحانه ، لأنه عالم بجميع الأشياء ، لا يخفى عليه شئ . والتعجب إنما يكون مما لا يعرف سببه . وإذا ثبت ذلك فالغرض أن يدلنا على أن الكفار حلوا محل من يتعجب منه ، فهو تعجيب لنا منهم . والخامس : ما روي عن ابن عباس أن المراد أي شئ أصبرهم على النار أي : حبسهم عليها . فتكون للاستفهام ، ويمكن حمل الوجوه الثلاثة المتقدمة على الاستفهام أيضا ، فيكون المعنى : أي شئ أجرأهم على النار ، وأعملهم بأعمال أهل النار ، وأبقاهم على النار ؟ وقال الكسائي : هو استفهام على وجه التعجب . وقال المبرد : هذا حسن لأنه كالتوبيخ لهم ، والتعجيب لنا ، كما يقال لمن وقع في ورطة : ما اضطرك إلى هذا إذا كان غنيا عن التعرض للوقوع في مثلها ، والمراد به الانكار والتقريع على اكتساب سبب الهلاك ، وتعجيب الغير منه . ومن قال معناه : ما أجرأهم على النار ، فإنه عنده من الصبر الذي هو الحبس أيضا ، لأن بالجرأة يصبر على الشدة . ( ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب