نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 308
وإنما عبر عن حب العجل بالتسرب دون الأكل ، لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى بواطنها ، والطعام يجاوز الأعضاء ، ولا يتغلغل فيها ، قال الشاعر : تغلغل حيث لم يبلغ شراب ، * ولا حزن ، ولم يبلغ سرور وليس المعنى في قوله ( وأشربوا ) أن غيرهم فعل ذلك بهم ، بل هم الفاعلون لذلك كما يقول القائل : أنسيت ذلك ، من النسيان ، وليس يريد أن غيره فعل ذلك به . ويقال : أوتي فلان علما جما ، وإن كان هو المكتسب له . وقوله : ( بكفرهم ) ليس معناه انهم أشربوا حب العجل جزاء على كفرهم ، لأن محبة العجل كفر قبيح ، والله سبحانه لا يفعل الكفر في العبد ، لا ابتداء ولا جزاء ، بل معناه : إنهم كفروا بالله تعالى بما أشربوه من محبة العجل . وقيل : إنما أشرب حب العجل قلوبهم من زينه عندهم ، ودعاهم إليه كالسامري ، وشياطين الجن والإنس . فقوله : ( بكفرهم ) معناه : لاعتقادهم التشبيه ، وجهلهم بالله تعالى ، وتجويزهم العبادة لغيره ، اشربوا في قلوبهم حب العجل ، لأنهم صاروا إلى ذلك لهذه المعاني التي هي كفر . وقول من قال : فعل الله ذلك بهم عقوبة ومجازاة ، غلط فاحش ، لأن حب العجل ليس من العقوبة في شئ ولا ضرر فيه . وقوله : ( قل بئسما يأمركم به إيمانكم ) معناه : قل يا محمد لهؤلاء اليهود : بئس الشئ الذي يأمركم به إيمانكم ، إن كان يأمركم بقتل أنبياء الله ورسله ، والتكذيب بكتبه وجحد ما جاء من عنده . ومعنى إيمانهم تصديقهم بالذي زعموا أنهم مصدقون به من كتاب الله بقولهم : ( نؤمن بما أنزل علينا ) . وقوله : ( إن كنتم مؤمنين ) أي : مصدقين كما زعمتم بالتوراة . وفي هذا نفي عن التوراة أن يكون يأمر بشئ يكرهه الله من أفعالهم ، وإعلام بأن الذي يأمرهم بذلك أهواؤهم ، ويحملهم عليه آراؤهم . ( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ( 94 ) ) . اللغة : الخالصة : الصافية . يقال : خلص لي هذا الأمر أي : صار لي وحدي ، وصفا لي يخلص خلوصا وخالصة مصدر كالعافية . واصل الخلوص : أن يصفو الشئ من كل شائبة . ودون : يستعمل على ثلاثة أوجه : أن يكون الشئ دون الشئ في المكان ، وفي الشرف ، وفي الإختصاص ، وهو المراد في الآية . والتمني : من جنس الأقوال عند أكثر المتكلمين ، وهو أن يقول
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 308