نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 233
مربعا . وروي أنه كان مثل شكل الرأس . وكان موسى إذا ضربه بعصاه انفجرت منه في كل ناحية ثلاث عيون ، لكل سبط عين . وكانوا لا يرتحلون مرحلة إلا وجدوا ذلك الحجر [1] بالمكان الذي كان به منهم في المنزل الأول . وقوله : ( فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ) لا ينافي قوله في سورة الأعراف : فانبجست ، لأن الانبجاس هو الانفجار ، إلا أنه أقل . وقيل : إنه لا يمتنع أن يكون أول ما يضرب عليه العصا كان ينبجس ، ثم يكثر حتى يصير انفجارا . وقيل : كان ينبجس عند الحاجة ، وينفجر عند الحاجة . وقيل : كان ينبجس عند الحمل ، وينفجر عند الوضع . وقوله : ( قد علم كل أناس مشربهم ) أي : قد علم كل سبط وفريق منهم ، موضع شربهم . وقوله : ( كلوا واشربوا ) أي : وقلنا لهم كلوا واشربوا . وهذا كلام مبتدأ . وقوله : ( من رزق الله ) أي : كلوا من النعم التي من الله بها عليكم من المن والسلوى ، وغير ذلك ، واشربوا من الماء ، فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة ، ولا مؤنة ، ولا تبعة ، فإن الرزق ما للمرزوق أن ينتفع به ، وليس لأحد منعه منه . وقوله : ( ولا تعثوا ) أي : لا تسعوا في الأرض فسادا . وإنما قال لا تعثوا ( في الأرض مفسدين ) وإن كان العثي لا يكون إلا فسادا ، لأنه يجوز أن يكون فعل ظاهره الفساد ، وباطنه المصلحة ، فبين أن فعلهم هو العيث الذي هو الفساد ظاهرا وباطنا . ومتى سئل فقيل : كيف يجتمع ذاك الماء الكثير في ذلك الحجر الصغير ؟ وهل يمكن ذلك ؟ فالجواب : إن ذلك من آيات الله الباهرة ، والأعاجيب الظاهرة ، الدالة على أنها من فعل الله تعالى ، المنشئ للأشياء ، القادر على ما يشاء ، الذي تذل له الصعاب ، ويتسبب له الأسباب . فلا بدع من كمال قدرته ، وجلال عزته ، أن يبدع خلق المياه الكثيرة ابتداء معجزة لموسى ، ونعمة عليه ، وعلى قومه ومن استبعد ذلك من الملاحدة الذين ما قدروا الله حق قدره ، ولم يعرفوه حقيقة معرفته ، فالكلام عليهم إنما يكون في وجود الصانع ، وإثبات صفاته ، واتساع مقدوراته ، ولا معنى للتشاغل بالكلام معهم في الفرع ، مع خلافهم في الأصل . ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فأدع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون