نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 179
مع معنى حرف الشرط الذي تضمنته " من " في موضع رفع بأنها خبر المبتدأ الذي هو ( من ) ثم الفاء وما بعده من قوله ( فمن تبع هداي ) الآية . في موضع جزم بأنه جزاء لقوله ( إما يأتينكم ) . وهذا في المقدمات القياسية يسمى الشرطية المركبة ، وذلك أن المقدم فيها إذا وجب وجب التالي المركب عليه [1] . المعنى : ثم بين تعالى اهباطهم إلى الأرض ، فقال ( اهبطوا ) أي : انزلوا . والخطاب لآدم وحواء على ما ذكرناه من الاختلاف فيه فيما تقدم . واختلف في تكرار الهبوط فقيل : الهبوط الأول من الجنة إلى السماء ، وهذا الهبوط من السماء إلى الأرض عن أبي علي . وقيل : إنما كرر للتأكيد . وقيل : إنما كرر لاختلاف الحالين فقد بين بقوله : ( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ) ان الاهباط إنما كان في حال عداوة بعضهم لبعض . وبين بقوله ( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى ) أن الاهباط إنما كان للابتلاء والتكليف كما يقال إذهب سالما معافى ، إذهب مصاحبا . وإن كان الذهاب واحدا لاختلاف الحالين ( فإما يأتينكم مني هدى ) أي : بيان ودلالة . وقيل : أنبياء ورسل . وعلى هذا القول الأخير يكون الخطاب في قوله ( اهبطوا ) لآدم وحواء وذريتهما كقوله تعالى ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) أي : أتينا بما فينا من الخلق طائعين . ( فمن تبع هداي ) أي : اقتدى برسلي ، واحتذى أدلتي ، فلا يلحقهم خوف من أهوال يوم القيامة من العقاب ، ولا هم يحزنون على فوات الثواب . فأما الخوف والحزن في الدنيا : فإنه يجوز أن يلحقهم ، لأن من المعلوم أن المؤمنين لا ينفكون منه . وفي هذه الآية دلالة على أن الهدى قد يثبت ، ولا اهتداء ، وأن الاهتداء إنما يقع بالاتباع والقبول . ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 39 ) ) . اللغة : الكفر والتكذيب قد مضى معناهما فيما تقدم ذكره . والآيات : جمع آية ، ومعنى الآية في اللغة : العلامة ، ومنه قوله تعالى ( عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك ) أي : علامة لإجابتك دعاءنا . وكل آية من كتاب الله علامة ودلالة على المضمون فيها . وقال أبو عبيدة : معنى الآية أنها علامة لانقطاع