* ( إِنْ هُمْ إِلاَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) * [1] .
* ( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) * [2] .
نعم ، إن ذلك كله يُعطي أن الله سبحانه قد أفاض على الإنسان وجوداً إنسانياً كامل الخصائص والمزايا . لكنّ الإنسان هو الذي ينحطُّ عن درجات إنسانيته وعن تقويمه الأحسن ، ويبدأ بخسران مزاياه ، وخصائصه الإنسانية ، بسبب أعماله بالتدريج . وقد ينتهي به الأمر إلى أن يخسرها جميعها , فيصبح كالأنعام , بل أضل .
أما المؤمن الصالح , فهو يحفظ ذلك كله بكل وجوده ، ولا يفرط فيه ، رغم كل ما يواجهه من مصاعب وأخطار . . ولو أنّه أخفق في بعض الحالات , فإنّه سيحاول أن يستعيد ما فقده , ويرمّم ما خرّبه , ويسد الثغرة والخلل العارض بسبب تلك النزوة العارضة .
ولعل هذا هو الذي عناه الله بكلمة : « الإِنْسَانِ » في قوله : * ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ . . ) * . . وبيّن أنّه حين يتعرّض للنشوء وللوجود . . فإنه سيكون في جميع مراحل وجوده , وفي كل مستويات نشأته وحالاتها ، مذكوراً عند الله سبحانه , ومحلاً لألطافه وعناياته . .
« حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ » :
وقد يسأل سائل : لمَ لم يقل : هل أتى على الإنسان حين ، أو وقت ، لم يكن شيئاً مذكوراً ؟ ! . فما هو وجه الحاجة لكلمة : « مِنَ الدَّهْرِ » يا ترى ؟ !