ولكنه حق نشأ عن التفضل ، لا عن العدل . أما بعد الجعل فيصير موضوعاً للعدل أيضاً .
وقد يكون السبب في جعل الزائد هو الإغراء بعمل الخير ، وصرف الهمم إليه ، أو غير ذلك . .
والحاصل : أنه إذا كان هناك عطاء تفضلي ، فمرة تُطْلَب المجازاة عليه ، بأن يُعطي لفاعله ما يماثله ، ومرة يطلب الشكر عليه .
والشكر قد يختلف ويتفاوت ، كماً ، وكيفاً في مراتبه وحالاته . .
فإذا أريد نفيه ، فلا بد من نفيه بجميع مراتبه وحالاته تلك ، سواء في ذلك الأفراد الظاهرة ، أم الأفراد الخفية التي قد لا تخطر على بال ، فقد تنفي الشكر اللساني ، لكن لا تنفي الشكر القلبي ، الذي يراه الناس غير قابل للنفي ، إما لخفائه ، وعدم الالتفات إليه ، أو لأنهم يرونه غير قابل للنفي من حيث إنه من مقتضيات خلق وطبع الإنسان ، أو لأنه لا يجوز رفضه ورَده .
فإذا قال : لا أريد أن تشكرني على الإحسان ، فإنما يرون أنه يقصد الشكر اللساني عادة ، أو الشكر بواسطة الفعل ، ولا يقصد نفي الشعور بالامتنان والتفضل . لأنه غير قابل للإزالة . .
أو لأنه ليس من حقه رفضه وردُّه ، إذ لا بد أن يكون الإنسان شكوراً ، لأن ذلك من مكونات شخصيته الإنسانية ، التي لا بد من تأكيد وجودها في شخصيته المتوازنة في مزاياها ، فلا يصح أن تطلب من الإنسان أن لا يكون شكوراً ، لأن ذلك يستبطن الطلب منه أن لا تكون لديه مشاعر إنسانية نبيلة ، وهو نهي عن التحلي بالفضائل الأخلاقية .
والنهي عن مثل هذا وإزالته من نفس الطرف الآخر معناه إحداث