الإتيان بما يعادل الفعل الذي في مقابله . . فإذا أعطاك مئة ، فالجزاء لا بد أن يكون مئة .
وهذا هو أول ما يطلبه الباذل ، ويطالب به ، ويسعى إليه ، ولذا كان المناسب أن يبدأ به قبل أن يذكر الشكر .
أيهما أصعب ! !
وقد يقال : لعل تقديم الجزاء ، لأجل أن إعطاء البديل والجزاء ، قد يكون أصعب من تقديم الشكر ، الذي هو خفيف المؤونة . .
ولكننا نقول :
إن ذلك غير دقيق . . فإن الشكر ليس مجرد تحريك اللسان بكلمات الثناء والعرفان بالجميل ، بل هو أمر قد يكون أصعب على بعض النفوس ، من إعطاء المقابل مهما كان عظيماً . . لأن الشكر يمثل أحياناً اعترافاً بالأخذ ، ويدعو إلى إظهار الشعور بالامتنان ، لمن قد لا يحب المبذول له أن يقوم به تجاه بعض الباذلين . .
وربما يبلغ الأمر حداً يجعل إعطاء الجزاء والخروج من حالة الشعور بالمديونية ، أيسر على النفس من إبقاء هذا الشعور .
الجزاء مرتبط بالشكر وعكسه :
والجزاء له صفة مادية ، وهو أمر يتطلبه العدل والحق . أما الشكر فطابعه معنوي أخلاقي ، تفرضه إنسانية الإنسان ، ويدعوه إليه خلقه ، ومشاعره ، وحالته النفسية . .
فإذا أعطى الجزاء والمقابل ، فذلك لا يعفيه من شكره ، من الناحية الأخلاقية ، ولا يزيل حالة الشعور بالامتنان . .