فيأتي هذا القيد هنا ليؤكد على : أن عملهم قد كان لوجه الله في كل مراتبه وحالاته ، وأن ذلك متحقق في جميع أفراده مئة بالمئة ، ولم يشذ عنه ولو مفردة واحدة . .
لماذا قال : « لاَ نُرِيدُ » ؟ :
ثم إنه تعالى قد نفى هنا إرادة الجزاء ، وإرادة الشكر . . ولم ينف نفس الجزاء ، والشكر ، فلم يقل : إنما نطعمكم لوجه الله ، لا للجزاء ، ولا للشكر . . بل قال : * ( لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً ) * . .
ولعل سبب ذلك أنه لو قال : نطعمكم لا للجزاء ولا للشكر . . قد يفهم منه : وجود استحقاق للجزاء ومبرر للشكر ، لكنهم صرفوا النظر عنه .
ومن شأن هذا أن يحمِّل السائل منّةً جديدة لهم عليه ، وأن يزيد في إحراجه . .
ولكنه حين قال : لا نريد ، فإن ذلك قد يفهم منه : أنه بصدد الاستدلال لهم على انتفاء تلك الإرادة ، إذ إن كون العمل لوجه الله ، قد أسقط استحقاقهم للجزاء وللشكر من أساسه . فنفي الإرادة إنما هو بسبب انتفاء متعلقها ، وهو الاستحقاق .
ولو قال : إننا نفعل ذلك ، لكن ليس لأجل الجزاء ، فإن ذلك معناه أن الجزاء ثابت لنا ، ونحن نستحقه ، لكننا لا نقصده حين الإعطاء ، مع أن الهدف هو أن لا يلوِّح للسائلين حتى بهذا الأمر . . حسبما أوضحناه .
« لاَ نُرِيدُ » مرة أخرى :
وثمة إشارة أخرى هنا ، وهي أنهم يقولون : « لاَ نُرِيدُ » ولا يقولون : « لا نطلب منكم جزاء » .
ولعل سببه هو أنك إذا قلت : لا أطلب منك جزاءً ولا شكوراً .