وآثار تلك الأعمال تقرب تلك المهالك إلينا ، وتمكنها من النيل منا ، حيث تكون سبباً في سقوط الدفاعات ، والموانع عنا ، وتدمير الحواجز فيما بيننا وبينها . .
فالتعبير بيخافون يوماً ، يبقى هو الأنسب والأقرب ، من حيث إن فيه إشارة إلى أنه ليس في حقيقة ذات نفس اليوم ما يخيف . .
الخوف من الله ! أم من اليوم ؟ ! :
ثم إنه قد جعل الخوف متعلقاً باليوم ، فقال : * ( يَخَافُونَ يَوْمَاً ) * ، ولم يقل : يخافون من الله . .
فلعل سبب ذلك هو أن الله سبحانه رحيم بعباده ، ولا خوف من الرحيم . . وهو نفسه عز وجل ، قد جعل الكلمة التي يطلب الابتداء بها في كل شيء هي : * ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) * . .
والله تعالى لا يظلم أحداً ، فلا معنى للخوف منه ، بل الناس إنما يخافون من سيئات أعمالهم التي ستظهر وتتجسد لهم في ذلك اليوم ، على شكل عذاب ، وحرمان من مقامات القرب والرضا . .
أما قوله تعالى : * ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ) * [1] ، فلا ينافي رحيميته ، ورؤوفيته . . فإنه إنما جاء لبيان سوء عملهم من حيث إن فيه إظهاراً للاستخفاف بمقام العزة الإلهية ، فذكرهم الله سبحانه بنفسه ، وأنه لا يعجزه باغ ولا طاغ ، وأن بغيهم إنما هو على أنفسهم . .
فليس التخويف بذاته سبحانه ، من حيث إنه - والعياذ بالله - يبطش بالضعفاء بلا مبرر . . بل من حيث إنه قادر على مجازاة الباغين والطاغين بأعمالهم .