« صلى الله عليه وآله » والإمام علي « عليه السلام » ، وكل مؤمن ، شخصية متكاملة ومتوازنة . ولا يمكن أن نفسّر بكاء الإمام الحسين « عليه السلام » في كربلاء في العديد من المناسبات ، على أنه بكاء ضعف وانهزام ، لأنه « عليه السلام » قد سجّل في كربلاء أروع صور البطولة والفداء بنفسه وبأهل بيته وأصحابه حتى لم يبق منهم أحد . . ثم أقدم على الشهادة مع علمه بسبي نسائه وأطفاله ، فلو أن الحياة الدنيا كانت هي هدفه « عليه السلام » ، فقد كانت الخيارات الأخرى مفتوحة أمامه .
إن الحقيقة هي : أن هذا البكاء ليس بكاء ضعف ، وإنما هو بكاء القوّة ، وبكاء الإنسانية والعاطفة ، تتجلَّى في سمات الشخصية المتوازنة ، التي صنعها الإسلام بالإيمان والعمل الصالح ، والمعرفة بالله « عز وجل » ، وفي دائرة التربية والرعاية الإلهية لأصفيائه وأوليائه .
فبكاء النبي « صلى الله عليه وآله » والولي « عليه السلام » ، وكل مؤمن ، هو دليل كماله ، ودليل واجديته للمشاعر الإنسانية التي يريد الله له أن يتحلّى بها ، وعلى أن لديه الخشية من الله ، وعلى أنه يشعر بآلام الآخرين ، لأن الله هو الذي يريد منه ذلك .