وكذا الحال في ما ورد من أن العلم ليس بكثرة التعلّم ، وإنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء .
والمقصود ليس هو العلوم المادية طبعاً ، فإنها مما يصل إليه المؤمن وغير المؤمن .
فإذا كان العلم نوراً ، فذلك يعني : أن القضيّة ليست في أن يتعلّم الإنسان في المدرسة ، أو لا يتعلّم فيها ، بل القضية هي أن هناك درجات من العلم ، لا يحصل عليها المتعلم إلاّ من خلال الأخلاق والإيمان والسلوك المستقيم ، حتى إذا أخلّ بهذا الجانب ، وحرم من الصفاء الروحي ، فإنه يحرم من درجات وأنواع من العلوم .
وقد ألمحنا فيما سبق إلى قوله تعالى : * ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) * [1] ، فكم هو دقيق ولطيف هذا التعبير بالانسلاخ الذي يشير إلى أن هذه الآيات ملتصقة في فطرته ، ناشئة معه ، حتى أصبحت جزءاً من كيانه ، حتى ليحتاج إلى الإنسلاخ منها ؛ * ( فَانْسَلَخَ مِنْهَا ) * .