* ( وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * [1] .
فالله سبحانه قد تحدث إذن عن التوحيد بما له مساس بواقع الإنسان الذي يعيشه ويحس به ، ويتفاعل معه بمشاعره وأحاسيسه ، لا بطريقة تجريدية ونظرية أو بصورة طرح معادلات فكرية جافة .
وفي سورة الحمد يريد تعالى أن يطرح قضية التوحيد من موقع التعريف بصفاته تعالى ، والإحساس المباشر بآثار تلك الصفات ، ثم سوق هذا الإنسان للإحساس بمدى تأثيره تعالى في كل جهات الحياة ، وفي جميع مفرداتها ، وفي كل الموجودات في هذا الكون الرحيب ، مع الحرص الأكيد على أن يخرجه عن أن يبقى مجرد أمر تصوري ، تجريدي ونظري ؛ ليصبح شأناً حياتياً حياً مؤثراً ، يفهمه الإنسان ، ويتلمسه بوجدانه ، ويتحسسه بمشاعره ، من خلال إحساسه بالنعمة الغامرة ، وبالعطاء ، وبآثار الرحمة ، والعلم ، والغفران ، والحكمة الإلهية ، وغير ذلك من صفاته تعالى . التي يتلمس الإنسان آثارها في كل آن على مدار اللحظات ، فضلاً عن الساعات ، في نفسه ، وفي كل ما يحيط به ، وفي كل الموجودات .