تقديم كلمة إِيَّاكَ :
وفي كل ذلك يشير إلى بعض ما يرمي إليه تقديم كلمة * ( إِيَّاكَ ) * على كلمتي * ( نَعْبُدُ ) * و * ( نَسْتَعِينُ ) * . فإن هذا التقديم ينتج الأمور التالية :
التخصيص للعبادة وللإستعانة به تعالى . وقد أنتج لنا هذا التخصيص ، من جهة إيجابية : التوحيد في العبادة ، والعمل .
ومن جهة أخرى : نفي الشريك ، ونفي التأثير لغير الله في أي عمل عبادي أو سلوكي كان . ونفي استحقاق العبادة لكل من عدا الله سبحانه .
هذا . . بالإضافة إلى حاجة كل عمل في بقائه واستمراره ، وتكامله وتحسينه ، إليه سبحانه وتعالى .
وهكذا يتضح : أنه قد انبثق عن العقيدة الأم عبادة ، هي عمل وحركة ، وانبثق عنها صفة لهذا العمل ولهذه الحركة العبادية ، وهي كونه عملاً توحيدياً وحركة توحيدية أيضاً .
إنه تعالى يريد من هذا التخصيص ، ومن استعمال كلمة * ( إِيَّاكَ ) * التي تعني الحضور والخطاب المباشر : أن يوحي لنا أنه يريد من هذا الإنسان أن يتوجه إلى الله ، ويشعر به ، ويتعامل معه حتى كأنه حاضر أمامه إلى درجة الحس المباشر ، ولا يكتفي بالاعتماد على الانتقال الذهني ، استناداً إلى ضمير الغائب ، فلم يقل : « نعبده ونستعينه » .