وهذا ظاهر عند الفقهاء وأهل التفسير ؟
الجواب : قيل لهم في ذلك كالذي قبله ، وهو من دعاوي العامّة بغير بيّنه ولا حجّة تعتمد ولا شبهة ، وليس يمكن إضافته إلى صادق عن اللَّه سبحانه .
ولا فرق بين من ادّعاه لأبي بكر ، وبين من ادّعاه لأبي هريرة ، أو المغيرة بن شعبة ، أو عمرو بن العاص ، أو معاوية بن أبي سفيان ، في تعرّي دعواه عن البرهان ، وحصولها في جملة الهذيان ، مع أنّ ظاهر الكلام يقتضي عمومه في كلّ معط من أهل التقوى والإيمان ، وكلّ من خلا من الكفر والطغيان ، ومن حمله على الخصوص فقد صرفه عن الحقيقة إلى المجاز ، ولم يقنع منه فيه إلَّا بالجليّ من البرهان .
فصل
فصل على أنّ أصحاب الحديث من العامّة قد رووا ضدّ ذلك عن عبد اللَّه بن عبّاس وأنس بن مالك وغيرهما من أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله ، قد ذكروا أنّها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري وسمرة بن جندب [1] ، وأخبروا عن سبب نزولها فيهما بما يطول شرحه ، وأبو الدحداح الأنصاري هو الذي أعطى واتّقى ، وسمرة بن جندب هو الذي بخل واستغنى ، وفي روايتهم لذلك إسقاط لما رواه بعضهم من خلافه في أبي بكر ، ولم يسنده إلى صحابيّ معروف ، ولا إمام من أهل العلم موصوف ، وهذا بيّن لمن تدبّره .فصل
فصل مع أنّه لو كانت الآية نازلة في أبي بكر على ما ادّعاه الخصوم ، لوجب ظهورها فيه على حدّ يدفع الشبهة والشكوك ، ويحصل معه اليقين بسبب ذلك ، والمعنى الذي لأجله نزل التنزيل وأسباب ذلك متوفرة من الرغبة في نشره ، والأمان من الضرر في ذكره ، ولمّا لم يكن ظهوره على ما وصفناه ، دلّ على بطلانه بما بيّنّاه والحمد للَّه [2] .