بنفسه وعرّض نفسه للهلاك . فنهونا عليهم السّلام عن قراءة القرآن بخلاف ما ثبت بين الدفّتين لما ذكرناه . .
فإن قال قائل : كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفّتين هو كلام اللَّه تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولا نقصان ، وأنتم تروون عن الأئمّة عليهم السّلام أنّهم قرؤا : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [1] ، وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [2] . [ بدلا من أمّة في الآيتين . ] وقرؤا : " يسألونك الأنفال " وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي النّاس ؟
قيل له : قد مضى الجواب عن هذا ، وهو أنّ الأخبار التي جاءت بذلك ، أخبار آحاد لا يقطع على اللَّه تعالى بصحتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عمّا في المصحف الظاهر على ما أمرنا به حسب ما بيّنّاه ، مع أنّه لا ينكر أن يأتي بالقرآن على وجهين منزلين .
أحدهما : ما تضمّنه المصحف .
وثانيهما : ما جاء به الخبر ، كما يعترف المخالفون به من نزول القرآن على أوجه شتّى . فمن ذلك قوله تعالى : * ( وما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) * يريد [ به ما هو ] بمتّهم وبالقراءة الأخرى : * ( وما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) * يريد به ما هو بمتّهم [3] ومثله قوله تعالى : جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ [4] على قراءة وعلى قراءة أخرى : تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهارُ وكما في قوله تعالى : إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [5] قرئ ( ان هذين لساحرين ) [6] ، وما أشبه ذلك ممّا يكثر تعداده ، ويطول الجواب بإثباته وفيما ذكرناه كفاية إن شاء اللَّه تعالى [7] .