فأمّا ما ذكره من أنّ الأنفس باقية ، فعبارة مذمومة ولفظ يضادّ ألفاظ القرآن .
قال اللَّه تعالى : * ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ويَبْقى وَجْه رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإِكْرامِ ) * .
والذي حكاه وتوهّمه هو مذهب كثير من الفلاسفة الملحدين ، الذين زعموا أنّ النفس لا يلحقها الكون والفساد ، وأنّها باقية ، وإنّما تفنى وتفسد الأجسام المركّبة . وإلى هذا ذهب بعض أصحاب التناسخ ، وزعموا أنّ الأنفس لم تزل تتكرّر في الصورة وإليها كل ، لم تحدث ولم تفن ولن تعدم ، وأنّها باقية غير فانية .
وهذا من أخبث قول وأبعده من الصواب ، وبما دونه في الشناعة والفساد شنع به الناصبة على الشيعة ونسبوهم إلى الزندقة ، ولو عرف مثبته بما فيه ، لما تعرّض له ، لكن أصحابنا المتعلَّقين بالأخبار ، أصحاب سلامة وبعد ذهن ، وقلَّة فطنة يمرّون على وجوههم فيما سمعوه من الأحاديث ، ولا ينظرون في سندها ، ولا يفرّقون بين حقّها وباطلها ، ولا يفهمون ما يدخل عليهم في إثباتها ، ولا يحصّلون معاني ما يطلقونه منها [1] .
[ انظر : سورة الأعراف ، آية 46 ، من تصحيح الاعتقاد : 86 . ] [ انظر : سورة الرعد ، آية 35 ، حول وصف الجنّة من تصحيح الاعتقاد : 96 . ]